تقرير محمد ضياء أرمنازيابتسم الطيار “البوتيني” ابتسامته الصفراء قبل أن يعطي أمراً بإطلاق الصاروخ، وأوصاه قائلا: “ستكون سبباً في عطش الآلاف من العائلات، وسوف تحصل على وسام القتل بالجملة أيُّها الصاروخ المدمر” وضغط على الزر، وانقض الصاروخ مسرعاً إلى هدفه المفضَّل (محطة الخفسة) تلك المحطة التي تغذي مدينة حلب بشكل كامل من نهر الفرات عبر أربعة خطوط جرٍّ للمياه إلى مدينة حلب، وفي حال توقفت تلك المحطة عن الضخ فلا يوجد مصدر آخر للمياه إلى المدينة.تضررت محطة الخفسة بعد استهداف الطيران الروسي لها، وحدثت هناك أعطال بالمضخات وبخط الجرِّ الرئيسي، حاليا تصل المياه إلى محطة حلب بشكل جزئي، ولكن لا يتم الضخ بشك كامل، بسبب عدم توفر الطاقة الكهربائية أيضاً، وتعاني مدينة حلب حالياً من أزمة في المياه، وهي مستمرة منذ الفترة الماضية، لكنَّها خفت قليلاً بسبب فصل الشتاء، ولكن الجزء الأكبر من الناس في المدينة لا تصلهم المياه إلا بفترات متباعدة وطويلة جداً.يقول المهندس أحمد حمدي خياطة عضو المكتب التنفيذي في شؤون الإدارة المحلية: “لا يوجد تواصل بين تنظيم الدولة الإسلامية والمجلس المحلي، لكن غالباً يتم التنسيق بين النظام وتنظيم الدولة في هذا المجال.كانت الأمور تجري بشكل تلقائي في السابق، والمياه تصل إلى محطة سليمان الحلبي وباب النيرب، لكن بعد تعرض المحطة للقصف و الأعطال وانقطاع التيار الكهربائي قلَّ وصول المياه إلى المدينة بشكل واضح، وللأسف موضوع المياه موضوع شائك، فهناك تداخل لأكثر من طرف في هذا الأمر بمدينة حلب، فالنظام طرف، والإدارة العامة للخدمات طرف وهي من تقوم بتشغيل المحطتين في سليمان الحلبي وباب النيرب، وهناك مجلس المدينة وله دور أيضاً في كثير من الأمور، وخاصة موضوع الصيانة، وهناك تنظيم الدولة، لكن التنسيق يكون دائما بقدر الحاجة.إنَّ محطة الخفسة الآن تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وبحسب المعلومات التي وصلتنا أنَّ الأعطال في المحطة ليست كبيرة، لكن لا ندري مدى الضرر الذي لحق بها.أعتقد أنَّ الجهة التي سوف تقوم بإصلاح الضرر هي الدولة الإسلامية، لأنَّهم الوحيدون القادرون على الدخول إلى تلك المنطقة، فلا أحد يستطيع الدخول إلى المحطة غير مسؤولي التنظيم.نحن في مدينة حلب نعمل دائماً على تأمين مياه الشرب بالحدِّ الأدنى قدر المستطاع، ويقوم المجلس المحلي للمدينة حالياً وعبر أربعة صهاريج يملكها بإيصال مياه الشرب بشكل دوري للأحياء عبر خطة منتظمة، لتغطية مياه الشرب قدر المستطاع، وهناك مشاريع أخرى لحفر آبار ارتوازية وتركيب محطات تنقية وتحلية عليها ليتم تأمين الحاجة من مياه الشرب للأهالي، وهناك مشروع لبرنامج تمكين أيضاً -وهو قيد الإنجاز بفترة قريبة-هو تركيب محطتي ضخ على منهلين في مدينة حلب.بالنسبة إلى أغلب المواطنين في المدينة يستخدمون الآبار السطحية في أحيائهم، وقد انتشرت هذه الظاهرة بكثرة في الآونة الأخيرة للاستهلاك البشري.أما بالنسبة إلى مياه الشرب، فهناك سبع محطات تنقية وُزعت على سبعة أحياء في المدينة، خرجت واحدة عن العمل بسبب القصف وبقت ست محطات، وهي الآن جاهزة للعمل، لكن بسبب الظروف المادية حالياً غير مفعَّلة وتحتاج إلى كلف تأسيسية وتشغيلية، أمَّا الكلف التأسيسية فتتضمن تجهيز المكان وتجهيز البئر المناسب بجانبها، وأيضاً تجهيز عدد من الخزانات ليتم العمل على استخراج المياه وتنقيتها من الآبار السطحية، وأمَّا الكلف التشغيلية فهي أجور شهرية للعمال ومصاريف وديزل لتشغيل المولدة التي تشغل المحطة والبئر، وعمَّا قريب سنؤمن تمويلا لتشغيل هذه المحطات، وهناك دراسة لدينا في مجلس المدينة لجعل المشروع تنموي يشغل نفسه بنفسه، ونعمل عليه حالياً وقريباً سنشغل المحطات كلها”لكن هل هذه الوعود جادة أم هي كلام وسراب إعلامي فقط كما يفعل معظم المسؤولين “ويعملوا لنا البحر طحينة”؟ لماذا لا نقوم بحفر الآبار الارتوازية من الآن ونقوم بحملة إعلامية نوجه فيها الناس على كيفية استخدام المياه بحكمة ودون إسراف لنحافظ على منسوب المياه الجوفية؟ لماذا لا نعمل من الآن على تشغيل محطات التحلية قبل قدوم فصل الصيف بلهيبه المعهود ومشاكل مع قلة المياه؟