تقرير محمد ضياء أرمنازيلا شكَّ أنَّ للمحروقات أهمية كبيرة في حركة المجتمعات الإنسانية الحديثة، وقد أصبحت من أهم مقومات الحياة بعد الماء والخبز، وتختلف الحاجة إليها بحسب استخدامها اليومي، فالغاز والكاز مثلاً استهلاكهم أقل من باقي المواد الأكثر استهلاكا (كالبنزين والمازوت) ويأخذ الأخير المرتبة الأولى في الاستهلاك للتدفئة وخصوصاً في فصل الشتاء، ولا تتحرك السيارات الكبيرة إلا به، وكذلك الدبابات ومولدات الكهرباء الكبيرة التي لم نعد نستطيع الاستغناء عنها قط في الوقت الراهن.فهل نستطيع الاستغناء عن المحروقات وهي المحرك الأساسي لهذه الأدوات؟بالتأكيد لا فهي عصب الحياة الحديثة ولا يمكن الاستغناء عنها.ففي السنة الماضية انقطع الطريق عن مدينة حلب المحررة لأسباب عسكرية ولفترة بسيطة نسبياً، ما أدى إلى ندرة المحروقات وارتفاع سعرها إلى حدٍّ جنوني، وتوقف كل شيء عن العمل وتوقفت الحياة وأصبحت المدينة الصاخبة “صماء بكماء”، فلم نعد نرى السيارات تسير في الشوارع، وتوقفت الآليات عن جمع القمامة، وتوقفت معظم المولدات الكهربائية أيضاً وأظلمت الشوارع، وتوقفت المعامل والورش الصغيرة عن العمل، وازادت البطالة وكثرت السرقات، وأطفأت أنوار البيوت وأصبحت مدينة حلب كمدينة للأشباح.لكن هل ستتوفر المحروقات في الشتاء القادم ونكون حول المدفأة نتدفأ؟ أم سيكون الدخان حولنا ونحن نحرق القمامة في بيوتنا؟ وهل سنعود ونرى الفقراء بقرب الحاويات يجمعون القمامة لحرقها والتدفئة عليها في البيوت؟يقول أبو يوسف: “أتوقع فقدان المحروقات في الشتاء القادم، لأنَّ الأمور لا تبشر بخير، فهناك المشاكل مع تنظيم (الدولة الإسلامية) واحتمال قطع طريق مجدداً وارد”ويقول أبو عمر: “اليوم أصبح سعر برميل المازوت 25000 ألف ل.س، من لديه القدرة على دفع هكذا مبلغ حتى يشتري مازوت ويخزن للشتوية القادمة؟!ولمحاولة معرفة المزيد حول هذا الموضوع وإيجاد حلول له قامت (صحيفة حبر الأسبوعية) بزيارة إلى المجلس المحلي لمدينة حلب والتقت مع رئيس المجلس (أسامة تلجو)هل هناك تنسيق بينكم وبين الفصائل العسكرية لضمان دخول المحروقات إلى حلب؟”لا يوجد تنسيق، وموضوع المحروقات عسكري، لكن نحن نحاول نسج علاقة مع الفصائل العسكرية ليكون قرار المدنية مشترك بين المجلس المحلي كممثل للمدينة والعسكر، لكن إلى الآن لم نصل إلى الدرجة المطلوبة في التعاون.لكن هناك موافقة تركية لإدخال عشرة آلاف لتر شهرياً من بنزين ومازوت، لكن السعر الآن ليس مناسباً، لكن في حال قطع الطريق سيكون الخيار البديل هو الخيار التركي المتاح والسعر سيكون دولار للتر البنزين وتقريباً 90 سنت للتر المازوت”هل عندكم خطة لإنشاء مخزون استراتيجي في حال فقدان المحروقات؟هناك نية لإنشاء مخزون استراتيجي لكن يحتاج إلى دعم وتمويل، نحن نقوم بإدخال كميات محدودة لاستخدام المجلس فقط.لكن كان هناك مشروع متكامل وتم تقديمه من عدة أشهر للحكومة المؤقتة، لكن ليس هناك استجابة من الحكومة إلى الآن، والمشروع متكامل وقد كان بحوالي 60 صفحة يشمل القطاع الخدمي والصحة ومحروقات ومصاريف تشغيلية، لكن لم يستطيعوا في الائتلاف أن يأمنوا داعما للمشروع!”هل هناك قوانين أو تحذيرات لمنع تحطيب الحدائق المتبقية؟”يمكن طرح هذا الموضوع مع مجلس الشورى والصلح الممثل للفصائل العسكرية، والذي يستطيع فرض آلية لتطبيق هذا العمل”إذاً ما هي الحلول المتاحة في حال قطع الطريق وفقدت المحروقات؟”هي الحلول الإسعافية السريعة، والتي نرجو من المنظمات المساعدة فيها لضخ كميات كبيرة نسبياً من المحروقات إلى المدينة خلال فترة قصيرة، أمَّا بالنسبة إلى الحكومة المؤقتة يجب الاستفادة من الموافقة التركية لإدخال الوقود وخصوصاً البنزين النظامي لأنَّ سعره مناسب على حدِّ قوله”من منطلق (الوقاية خير من قنطار علاج) نقول للمسؤولين في المناطق المحررة والجمعيات الإغاثية: يجب أن نستعد جميعنا لتأمين المحروقات وتخزينها بما أمكن لكي نستخدمها في الحالات الطارئة وبالأخص مادة المازوت أو إيجاد بدائل للتدفئة وتأمينها من الآن كالغاز الرخيص إن وجد أو الحطب أو الفحم الحجري مثلاً لكيلا نتجمد من البرد في الشتاء كما حدث في بعض العائلات الفقيرة في الشتاء الماضي.