بقلم عبد الغني الأحمد
أعداء الأمس أصدقاء اليوم،أصدقاء اليوم أعداء الغد، لا يمكن تسمية العلاقة الملونة بين النظام السوري والأكراد خاصة بعد التصعيد العسكري الأخير بين الطرفين الذي وصل إلى حد قصف طائرات النظام لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية لمواقع لقوات الأساييش التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في مدينة الحسكة متجاوزاً تحذيرات القوات الأميركية الموجودة هناك،وذلك رداً على سيطرة قوات الأساييش الكردية على حي النشوة ومحاصرته في المربع الأمني في المدينة،وعلى الضفة المقابلة فإنَّ قوات الأساييش الكردية توعدت بالرد وأوضحت بأنَّ تقدمها كان رداً على الأعمال الإرهابية التي يقوم بها جنود النظام و شبيحته بحق أهل المدينة، وقد انتهت هذه الاشتباكات بتوقيع اتفاق بين النظام وقوات الأساييش يقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وفتح الطرق، والسؤال هنا هل ما يحدث بين النظام والأكراد سحابة صيف عابرة يريد النظام من خلالها بعث رسالة مفادها تحالفنا غير مقدس ولا تتعدوا حدودكم،أم أنه تغيير ما في تحالف استراتيجي دام سنوات؟
حتى ما قبل أمس كان الجانبان يتقاسمان إدارة المحافظة شمال شرقي البلاد،ووفق تسريبات حصلت عليها شبكة الجزيرة الإعلامية فإنَّ طائرات روسية شاركت في قصف المواقع الكردية،وإذا كان الامر صحيحا فهذا يعني بأنَّ التقارب الجديد بين أنقرة وموسكو الأخير والمفاجئ بدأ بخلط الأوراق في بيئة مشتعلة أصلاً،وقد يعتبر ما حصل كمحاولة لمغازلة تركيا خاصة بعد التقارب بين تركيا وروسيا وحلفائها.
وقد يكون هذا الصدام هو محاولة لردع الأكراد عن إقامة الدولة الكردية المزعومة،خاصة بعد تمكنهم من تحرير مناطق شاسعة كمدينة منبج، وإظهار رغبتهم بتحرير مدينتي الباب وجرابلس من تنظيم الدولة ليصبحوا بعد ذلك على بعد خطوات قليلة من رسم حدود روج افا.
ومن المحتمل أيضاً أن يكون قصف النظام وروسيا محاولة للي ذراع قوات الحماية الكردية التي تدعمها أميركا بشكل مباشر وليكون ذلك كمعركة باردة بين الأمريكان من جهة وروسيا التي تريد إحكام قبضتها على القضية السورية وترى في تدخل أميركا عائقا في تحقيق مطامعها.
كما يتوقع أيضاً أن يكون ما حصل هو محاولة لإرضاء زعماء العشائر الموالية للنظام والذين زاروا بشار الأسد في دمشق منذ عدة أيام ليقدموا الشكاوى حول ممارسات قوات الاتحاد الديمقراطي،ووعدهم بمعالجة الموقف وقد يكون الوعد بإبعاد القوات الكردية إلى أطراف المدينة.
أيضاً قد يكون الاشتباك هذا عرضياً، إذ حصل مثله عدة مرات سابقاً في الحسكة والقامشلي وسينتهي بتطويق المشكلة وتحديد نقاط تفاهم جديدة بين الطرفين الذين تحالفا مع بعضهما منذ بداية الثورة،وقد صرح صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي pyd””: هذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها معارك مع النظام وبالتالي فإنَّ التوتر موجود بشكل كامل.
أياً يكن فقد تكون هذه الاشتباكات هي أول حلقة من حلقات التباعد بين الطرفين أو أن المسألة أبسط من ذلك وأقل أهمية وتأثيراً على مستقبل هذا التحالف، فلا تزال دمشق تحتاج للأكراد كما يحتاج الأكراد إلى رد الجميل مقابل ذلك من النظام، ولكن الطرفين لا يقرران العلاقة فكل منهما لديه حلفاء وكلُّ حليف يلعب بأوراق القضية السورية حسب ما تمليه مصالحه.