عبد العزيز عباسي |
اسمي (هوزيه) هكذا يُلفظ في اللغة الفلبينية والإنجليزية، أو (خوسيه) كما في اللغة العربية والإسبانية، أو (جوزيه) كما في اللغة البرتغالية، أو (عيسى) كما في العربية في دولة الكويت، تعددت الأسماء والشخص واحد، لكن هل الشخص الذي نتحدث عنه واحدٌ؟
يُولد عيسى في دولة الكويت بعد زواجٍ سري بين مواطن كويتي اسمه (راشد عيسى الطاروف) وخادمة فلبينية، لكن مشيئة الله وقدره لهذا الطفل أن يبقى مثل نبتة البامبو بلا انتماء ولا هوية، خاصةً بعد اعتقال والده الكاتب على يد قوات الجيش العراقي في الكويت في زمن غزو العراق للكويت.
حاول راشد أن يخبر والدته بزواجه من الخادمة الفلبينية لكنها طردته من البيت، وهنا يبدأ الصراع بين راشد ونفسه اللوامة التي تلومه على فعلته، لكنه يواجه مصيره بكل شجاعة ويتحمل مسؤولية إيجاد حل لهذه المشكلة، لكنّ ظروف الحرب لم تدع مجالاً له بعد اعتقاله ومن ثم وفاته.
تُسافر الأم وابنها إلى الفلبين لعلها تجد بين أهلها من يعينها، لكن لا حياة لمن تنادي لأنّها في الأصل هربت من شبح الفقر الذي كان يطاردها لتجد نفسها في ورطةٍ أكبر ولتعود مرة ثانية إلى المستنقع الذي هربت منه، تحاول تغيير عيسى فتأخذه إلى الكنيسة ليصبح مسيحياً لكنها لا تُفلح في ذلك فعيسى مسلم الديانة.
تُصور الرواية الفوارق الطبقية بين عائلة راشد والد عيسى وجوزافين الفلبينية أم عيسى، فعائلة راشد ليست فاحشة الثراء، لكنها إذا ما قِيست بنظيرتها عائلة (جوزافين) تبدو فاحشة الثراء.
هناك في الفلبين العمل قليل جدًا، والفقر والبطالة منتشران بشكل لا يوصف، لكن البيئة التي وُلد فيها عيسى لم تتقبله بسبب وجهه وملامحه الفلبينية، فعيسى متشتت بين الفلبين والكويت، بين الإسلام والمسيحية، بين اللغة العربية واللغة الفلبينية، إذًا هناك خلافات في كل شيءٍ، وتقبل شخصٍ جديد أمر صعب جدًا في دول ذات ثقافة بسيطة أو نامية حديثاً.
قد يكون عيسى قد واجه في بلد أمه الفلبين الكثير من المشاكل مثل الفقر ومعاملة جده (ميندوزا) السيئة، لكنه في المقابل كانت له علاقات طيبة مع بنت خالته (ميرلا) وصديقه وخاله (بيدرو) لكن قلة العمل اضطرته إلى الرجوع إلى الكويت موطن أبيه.
المشكلة في عائلة والده هي جدته (غنيمة) التي رفضت الموضوع من قبل قدوم عيسى إلى هذه الحياة.
تحولت هذه الرواية إلى مسلسل عُرض في رمضان لكنّه بصراحة غيرّ في أحداث الرواية كثيراً وركّز على تفاصيل أخرى، كان المسلسل من بطولة مجموعة من الممثلين على رأسهم الممثلة (سعاد عبد الله) في دور الجدة غنيمة والفنان الكوميدي الكوري (وون هو تشونغ) في دور عيسى لوجود تشابه في الملامح الآسيوية.
الرواية عالجت قضية مهمة جداً وهي البحث عن الهوية (من هو عيسى) وتطرقت إلى موضوع (البدون) في الكويت، وهذه الكلمة تكتب بدون، وتعني ناسًا يعيشون بلا أو بدون هوية في الكويت.
بشكل عام كانت الرواية أنجح من المسلسل، واستحقت لقب جائزة البوكر، لكنّ شخصية البطل في هذه الرواية سلبية لدرجة ليس له أي قرار في سير الأحداث، هو فقط يتلقى الأوامر والصفعات الكاتب في الرواية كان يقول: “اليد الواحدة لا تصفق، لكنها تستطيع أن تصفع.” لكن أين محاولات البطل في مواجهة الواقع أو تغييره؟! فقط انصياع كامل لسير الأحداث، الكاتب حرٌ في رسم شخصياته كما أراد، لكنّ شخصية البطل ضعيفة جدًا لا تُوحي بأن هذا الشخص يُريد أن يعرف من هو ومن أين جاء وكيف.