ثمة الكثير من الحجج لبقاء القوات الأمريكية في سورية بعد سقوط الدولة الإسلامية، لكن الرئيس ترمب لا يبدو مقتنعا بأي منها، ربما سيتراجع عن دعوته لو علم أن الولايات المتحدة وشركاءها يسيطرون على معظم النفط، وإن غادرت الولايات المتحدة فسيسقط النفط على الأرجح بيد إيران.
إن إحدى أهم مهمات الولايات المتحدة في سورية هي احتواء التوسع الإيراني ومنع موجة نزوح جديدة ومحاربة التطرف ووقف روسيا من بسط نفوذها على المنطقة، فالولايات المتحدة لها مصالح تنعكس بشكل كبير على الأمن القومي؛ في منع الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإيران من طرد أمريكا من سورية وإعلان الانتصار الكامل.
لكن ترمب أعلن مرارا أن هذه المهام ليست مسؤولية الولايات المتحدة، ووعد بسحب ما يقرب من 2000 جندي أمريكي من سورية أثناء حملة انتخابية في أوهايو.
وقال ترمب: “نحن خارجون من جحيم داعش، سنخرج من سورية، قريبا جدا، ولندع الآخرين يهتمون بها الآن”.
وهذه ليست إشارة ارتجالية، ففي الشهر الماضي قال ترمب إنه رغم اعتقاده بأن المجازر التي ترتكبها روسيا وإيران ونظام الأسد “عار على الإنسانية”، لكن ليس لديه نية لفعل أي شيء حياله، لأن مهمتنا هي: “التخلص من داعش والعودة للوطن”.
وبالطبع هذا يتناقض مع تصريحات كبار المسؤولين عن الأمن القومي، فوزير الدفاع جيم ماتيس قال نهاية السنة الماضية: إن القوات ستبقى لتمنع ظهور داعش أخرى وللسيطرة على الموقف. وفي شهر كانون الثاني وضع وزير الخارجية ريكس تيلرسون في حديث متحفظ عن السياسة الخارجية خمسة أهداف خارجية بعيدة المدى للسياسة الخارجية الأمريكية في سورية، تتضمن تجريد النظام من أسلحة التدمير الشامل والوصول الى حل سياسي، ووعد أن الولايات المتحدة “ستحافظ على وجود عسكري طويل في سورية لتضمن أن داعش لن تنبعث من جديد”.
لكن إن كان ترمب لا يوافق ويبحث عن سياسة أخرى في سورية تناسب حملته، ربما يتذكر أنه لطالما اشتكى من ذلك في العراق: “يجب أن نحافظ على النفط”، بالطبع لا نستطيع ولا ينبغي لنا أن نترك النفط السوري، لكن بالتأكيد يوجد بعض الحقيقة في فكرة ترمب، فالسيطرة على النفط هو النفوذ الوحيد الذي نملكه في سورية اليوم.
وقال ديفد آدسنيك رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة الدفاع والديمقراطيات: ” لدينا 30 % من مساحة سورية، وهي تحوي على 90 % من إنتاج البلاد من النفط قبل الحرب.”
في الحقيقة المسيطرون الفعليون على الأرض والنفط ليست القوات الأمريكية وإنما قوات سورية الديمقراطية التي دربتها واشنطن وسلحتها، إلى جانب قادة عرب سنة ممن قاوموا الهجوم المستمر للقوات المدعومة من الحكومة السورية والإيرانيين.
نظام الأسد وإيران لديهم سياسة معلنة ومستمرة لاسترداد كل الأرض التي كان الأسد يسيطر عليها، بما فيها الأرض التي تضم معظم مصادر الثروة.
وأزيدكم من الشعر بيتاً، فمن المتوقع أن ينسحب ترمب من الاتفاق مع إيران، مما يعني أنه سيعيد فرض العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني، مما سيؤدي إلى نتائج عكسية تماما بتسليم إيران رقعة من سورية تضم كميات كبيرة من النفط في الوقت نفسه.
وحسب تشاجاي تسوريل المدير العام للمخابرات الإسرائيلية، إن كانت الولايات المتحدة وحلفاءها ينوون وقف التوسع الإقليمي لإيران فيجب أن تبدأ هذه المهمة في سورية، وأيضا إن كانت أي مفاوضات جدية ستجري فالوجود العسكري الأمريكي أساسي كي تتمتع الولايات المتحدة بالنفوذ.
وقال تسوريل: ” إن كان ثمة التزام حقيقي بمواجهة إيران، فيجب أن يحدث هذا في سورية أولا، وإن لم يحدث هذا فسنخسر هذه الحملة، الوجود الأمريكي مهم جدا، فهذا يمنحك مقعدا على الطاولة التي ستقرر مستقبل سورية”.
وإن غادرت القوات الأمريكية، فالأكراد على الأرجح سيبرمون اتفاقا مع النظام ويتركون السنة لوحشية الأسد، ثم سيتحرك الإيرانيون إلى المنطقة ليكملوا جسرهم البري من طهران إلى بيروت. إن لم يكن لدى ترمب إستراتيجية حقيقية لسورية فهو قطعا لا يملك إستراتيجية حقيقية لإيران.
وحسب مليسا دالتون كبيرة الزملاء في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “إيران تحول شبكتها الموالية لها في محور المقاومة التابع لها إلى جيش للمقاومة على امتداد المنطقة” وأضافت: لدى إيران الآن نحو 250000 مقاتل بالوكالة تحت إمرتها بشكل مباشر أو غير مباشر منتشرون في المنطقة.
وقال السيد مواز مصطفى المدير التنفيذي لقوة المهام الطارئة وهي منظمة غير حكومية تعمل مع المعارضة السورية: هؤلاء الذين قاتلوا الدولة الإسلامية لا يريدون العيش تحت حكم الأسد أو إيران.
إن هذا أمر لا يصدق فبعد حيازة كل هذه المناطق الغنية بالنفط علينا الانسحاب في وضع يسمح لإيران بالسيطرة على الأرض والنفط، وبناء جسر بري يعملون على إكماله داخل البلاد، لقد أخذنا النفط وعلينا الاحتفاظ به.
الكاتب: جوش روجين كاتب رأي في قسم الآراء الدولية في صحيفة الواشنطن بوست، يكتب عن السياسة الخارجية والأمن القومي.
صحيفة: واشنطن بوست
الرابط الأصلي للمقال:
1 تعليق
Pingback: تقرير الرصد الأسبوعي لأهم ما ورد في الصحافة الغربية | 4 – 4 – 2018 | صحيفة حبر