رحاب الدمشقي
العنف ظاهرة اجتماعية نفسية، تؤثر على نفسية الطفل، وهو أحد سمات الحرب واللجوء، فالأطفال هم الأشد حساسية في أوقات الحروب تلك.
وهذا ما عانى منه الأطفال السوريون، وما يزالون يتجرعونّ من مآسي الحرب واللجوء، ممّا يضع صحتهم العقلية والنفسية في حالة حرجة، حيث يتعرض الأطفال داخل سورية إلى أشكال مختلفة من المعاناة، بدءاً من القتل والتعذيب والتجنيد إلى المشاكل الحياتية فضلاً عن الظروف القاهرة مثل الحصار واستمرار المعارك.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة الذي يكشف عن توافر 26% فقط من الأموال المطلوبة لحماية الأطفال، استجابة للأزمة السورية حتى شهر تشرين الأول عام 2015.
والعنف يمكن أن يمارس في المنزل، في الأسرة، في المدارس، فله عدة أنواع وأشكال، ويمكن أن يكون منه الاعتداء الجنسي، ومنه الاعتداء العاطفي والنفسي، بيد أنّ الاعتداء العاطفي يعتبر العنف الأصعب، وقد يكون عن طريق الشتم والسخرية والإهانة، فقد تؤدي إلى تعطيل التطور السليم للعلاقات والانحراف لدى الضحايا، كما أنَّ العنف النفسي يظهراً جليا عند الأطفال في اختلال نمو شخصية الطفل، وقد تعرض الأطفال في أثناء الأزمة التي تمرُّ بها سورية إلى مضايقات كثيرة من قبل النظام.
إذ إنَّ أطفال درعا لاقوا أبشع أنواع التعذيب داخل سجون النظام في فترة الحرب، ولعل أبرز مثل على ذلك حمزة الخطيب الذي لاقى أبشع أنواع التعذيب والضرب العنيف على أيدي شبيحة النظام.
وأفادت تقارير وبيانات حسب إحصائيات الأمم المتحدة أنَّ عدد القتلى من الأطفال في سورية دون سن 16 سنة بلغ حوالي11 ألفاً منذ بداية الثورة إلى سنة 2014 حتى نهاية شهر حزيران ونسبة الذكور بلغت 69% بينما بلغت نسبة الإناث31 %
كما أنَّ عدداً كبيراً من الأطفال ما زالوا يقبعون في السجون، وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد الأطفال الذين اعتقلوا بنحو 20 ألفاً، ويرصد تقرير رصد الإنسانية الذي أعده المركز السوري لبحوث السياسات والظروف الاجتماعية والاقتصادية في سورية منذ بدء الأزمة الراهنة موضحاً أنَّ سورية أصبحت بلد الفقراء؛ إذ يعيش أكثر من نصف السكان 32/54% في حالة فقر شديد، وسط هذه الظروف يعيش الأطفال الذين يعانون من فقدان حقوقهم، الكثير منهم مصاب بأمراض فقر الدم، وسوء التغذية، والأمراض التنفسية والجلدية نتيجة قلة المياه النظيفة.
لا يخفى أنَّ هذا التدهور في الأوضاع يتزايد طرداً مع تصاعد موجة العنف، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأطفال المشمولين بالدراسة يعيشون مع ذويهم في ظلِّ ظروف اجتماعية واقتصادية متدهورة، والعنف مشكلة صحية عامة ذات أبعاد هائلة ودرجات متفاوتة من ناحية الممارسة، إذ إنَّ له أثراً مدمراً على نمو الأطفال من الناحية العاطفية والمعرفية والجسدية، وله ارتباط وثيق مع ذات الإنسان ككل.
إنَّ أطفالنا هم أكبادنا، وهم ينتظرون منَّا كلَّ شيء جميل، فلنبني لهم بيتا يسوده السلام والوئام بعيداً عن جو المشاحنات والعدوان، أو بعيدا عن تعرضهم لآثار الحروب قدر الإمكان.