بقلم رئيس التحرير
كلنا يسأل: ماذا في غدٍ، ويحاول استشراف المستقبل وسؤاله، وتعتبر هذه المحاولة ضرورية وحاجة ملحة، لتربط الإنسان بين ماضيه وحاضره ومستقبله، وتفتح له آفاقا جديدة وفرصة التفكير بالرؤيا المستقبلية. وفي مقام الاستشراف المستقبلي يقدم لنا القرآن الكريم المستقبل حاضرًا للعيان وكأننا نشاهده، وفيه يقرر النتيجة التي لا يمكن أن تتبدل أو تتغير، وهي نتيجة الحرب، فيؤكد تأكيدًا لا يحتمل الريب وهو أن الغلبة ستكون للجماعة المؤمنة ” وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”. وبذلك تستأصل فكرة الانهزامية التي يمكن أن تصيب النفس البشرية، وتنزع الأوهام التي صنعتها وسائل الإعلام، وتتلاشى الخيالات التي تراكمت في الأذهان وجعلت الصورة قاتمة سوداوية بسبب الهزائم المتكررة التي صنعها حكام الأمة الخائنون الذين تسلطوا وتحكموا بالشعوب والمقدرات، فالنصر فكرة حاضرة دائما في التصور الإسلامي لا تغيب، وهي مقررة من عند من بيده النصر والهزيمة ” أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” ولا يعني هذا التأكيد الرباني أن نخرج من دائرتي الواقع والفعل إلى دوائر الحلم والتنظير و(العلاك)، فنقيم المهرجانات الخطابية التي ما حررت شبرا، وننشد الأناشيد التي داست حزب الشيطان وحررت الشام وما حولها من المغتصبات بالسلالم الموسيقية والأصوات الرخيمة والحناجر الزريابية، فدون النصر خطوات عملية وعاها ثوارنا فعملوا بها وأعطوا بها درسا لجميع القاعدين. ولأن النصر بيد الله يعطيه من يشاء فهو لا يشحد من البيت الأبيض، ولا يصوت عليه في مجلس الأمن مجلس الخوف، ولا يأتي بقرار من قبل سافكي الدماء وتجارها، ولا يشترى بالتصريحات الإعلامية، ولا يكون على يد من طعن الأمة في ظهرها وفتح صدره ومضافاته لكل حملة شنت على المسلمين وستشن، وفرش لليهود السجاد الأحمر المصبوغ بدم الشهداء! ولقد تعتري مسيرة المؤمنين العثرات والعوائق فتنبو سيوفهم وتكبو فروسهم، وإن خسران المعركة لا يعني انتهاء الحرب وانتصار الباطل ووقوع الهزيمة، فتحت جناح المستقبل بشريات تجعل ما حلمنا به حقيقة وما تمنيناه واقعا، ذلك أن سنن الله ثابتة وليس من سننه أن تهزم فئة الحق والإيمان. فغياب النصر واختفاء معالمه وآثاره لا يعني أن وعد الله قد تخلف، إنما يعني أن وصف الإيمان غائب عن الجماعة المقاتلة، ومن الطبيعي أن يفقد النصر من يسرق ويشق صف الأمة ويعمل في مسارح العرائس الدولية ويقاتل في سبيل الحارة وشرف ( عضواتها ) وفي سبيل حدود جديدة واستعمار جديد وعمالة تلبس ثوبا ورديا قصيرا! فلا نتطبق كلمة ( جندنا ) على من هذا وصفهم من الذين يؤمنون بجبرية عبوديتهم لمعبوداتهم ويعملون غلمان في مقاصير الغرب وبغالا بشرية في إسطبلاته، فلوصف ( جندنا ) أهله العظماء الذين صدقوا مع ربهم وتوكلوا عليه، الذين يدافعون عن أرضهم في الشام وتتحقق على أيديهم الفتوحات في شهر رمضان شهر البركة والانتصار.