التقارب الإيراني السعودي فاتحة تعويم النظام السوري

غسان الجمعة

2٬681

يبدو أنّ الاتفاق السعودي الإيراني الذي رعته الصين يحمل في أبعاده تفاهمات على خطوط وتفصيلات تتجاوز الملفات الإشكالية المباشرة بين الطرفين إلى الفضاء الإقليمي والدولي.

ويعكس ذلك ما أعقب هذا الاتفاق من تحركات سياسيّة حول ملفات اليمن وسورية التي ينخرط فيما الطرفان بدور فاعل سياسياً وعسكرياً بدرجات مختلفة في إطار المواجهة غير المباشرة بينهما قبل هذا الاتفاق.

وفي الملف السوري الذي تُحرك الرياض مياهه الراكدة في قنوات الجامعة العربية، يتم البحث اليوم عن صيغة مرضية لتحقيق إجماع عربي قبيل انعقاد القمة العربية القادمة لدعوة رأس النظام السوري لحضورها دون الكشف عن دواعي الحراك المحموم الذي تملَّك السياسة الخارجية السعودية للتطبيع مع بشار الأسد عقب الاتفاق السعودي الايراني الغامض في بنوده وكواليسه حتى اللحظة.

تفاصيل جديدة حول قاتل الطفلة السورية جنى

وإن كانت المكاسب السعودية والمصالح الإيرانية مبهمة التفصيل حول نقطة الأسد وإعادة تعويمه عربياً، فإن أوراق الأسد الرابحة من مساعي التطبيع حالياً يمكن التوصل إليها على مختلف الأصعدة.

البداية من الحدث الأهم اليوم في الملف السوري وهو ما يجري من تحضيرات لتطبيع العلاقة بين النظام السوري وتركيا، حيث ترفع التحركات السعودية حول مساعي التطبيع من سقف الثقة والمطالب لدى النظام السوري أمام المفاوض التركي في ظل كسر العزلة التي كانت مفروضة عليه سياسياً، كما أن الحديث عن فتح المعابر والتطبيع الاقتصادي لم يعد ميزة تركية أمام المال الخليجي الذي يسعى له النظام السوري كأحد أبرز الأهداف من التطبيع مع السعودية وحاجة أنقرة اليوم للوصول للأسواق الخليجية من خلال المنافذ الحدودية السورية (الترانزيت).

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب  اضغط هنا

وفي حال نجحت السعودية في إقناع الدول العربية بضرورة عودة الأسد للجامعة العربية فإن ذلك سيضعف الموقف التركي الذي تسانده مجموعة من الدول العربية وعلى رأسها قطر في دعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً، بل ومن الممكن أن يُحدث شرخاً في صفوف المعارضة السورية مستقبلاً.

من جهة أخرى يمهد هذا التطبيع العربي في ظل التفاهم الإيراني السعودي لعودة النظام السوري من جديد إلى التحكم في الملف اللبناني باعتباره شرطي الساحة اللبنانية منذ عهد حافظ الأسد حيث أدار الأخير بتوازن لسنوات مصالح كل الأطراف في لبنان بقبضة أمنية وسياسية بسبب طبيعة علاقاته مع كل من السعودية وإيران اللاعبان الرئيسان في لبنان وهو ما ينبئ بعودة مشابهة اليوم في ظل ما يعانيه لبنان من أزمات وانقسامات حادة.

وفي دائرة المتغيرات الإقليمية والدولية التي تحمل في طياتها نزعة الخروج من العباءة الغربية بقيادة واشنطن يجد النظام السوري فرصته في التملص من العقوبات الأمريكية والأوربية من خلال تقديم نماذج تطبيع ثنائية أو جماعية عربية تشجع دولاً أخرى حذو هذا المسار رغم تحذيرات واشنطن من خطوات التطبيع.

لطالما نجح النظام السوري في اللعب على وتر المتناقضات أو التوافقات الدولية والإقليمية ليحقق مصالحه ويكسر عزلته، إلا أنه بالنهاية يخضع بشكل أو بآخر للتجاذبات السياسية بين اللاعبين الإقليميين والدوليين وهو ما يبقيه مهدداً ومحكوماً بمدى نجاح تفاهمات الأطراف الأخرى حول الملف السوري وغيره من الملفات التي من الممكن أن تعيده في أي لحظة لساحة تصفية الحسابات.

وللعلم فإن طريقة التعاطي السعودية مع النظام السوري في إطار خطوات التطبيع ستعكس طبيعة الاتفاق المبرم بين طهران والرياض، فكلما كانت التنازلات من الجانب السعودي للنظام السوري أكبر كان ميزان الاتفاق لصالح طهران وسياساتها في المنطقة، مع سابقة إذعان سعودي لا يمكن التنبؤ بحدودها في المنطقة أو أن تسويات المصالح تمت بين الطرفين على مبدأ الصفقات المتبادلة لخدمة مصالحهما تظهر بوادرها بالتزامن في كلا المساريين اليمني في الخاصرة السعودية نحو التهدئة والسوري ذي الأهمية لإيران باتجاه التطبيع.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط