روسيا وإيران.. هل تساعدان الأسد اقتصاديًا؟!

غسان الجمعة

0 353

 

 

“ليس للبطون الجائعة آذان تسمع” هذا مثل إنجليزي لدولة حكمت نصف العالم كانت تدرك حقيقة معادلة الجوع والخضوع، فمثل هذا القول مع قواعد أخرى سياسة بريطانيا العظمى في إدارة الكثير من البلدان لعشرات السنيين، والشاهد في هذا العرض هو ما يعانيه السوريون في مناطق سيطرة الأسد من ظروف اقتصادية سيئة، مع الأخذ بعين الحسبان أن الأسد وزوجته عاشا في بريطانيا فترة جيدة من الزمن.

اليوم يعيش النظام السوري أسوأ أيامه، وقد لا يجاريها سوى تلك التي كان فيها الثوار على مرمى حجر من قصر الأسد عندما طلب النجدة من روسيا التي قلبَت الموازين وأزالت خطورة إسقاطه عسكريًا، بينما اليوم يعلم الروس والإيرانيون ما يعاني منه النظام، لكنهم غامضون في مساعدته اقتصاديًا على عكس ما فعلوا عسكريًا، فهل تستمر هذه السياسة وخصوصًا مع ظهور بعض المطالبات بالاحتجاج، وأخرى رفعت صوتها إعلاميًا قد تحمل في طياتها صوتًا مزعجًا للنظام وداعميه؟

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

الروس في سياستهم الباردة تناقلوا ببلادة عبر قنواتهم الإعلامية إمكانية انهيار الوضع الاقتصادي، ولايزال التحذير قائمًا حيال صورة العجز والفقر المستشري بين صفوف السوريين البسطاء الذين أكلت آلة الأسد العسكرية أرزاقهم وقوضت مقومات عيشهم لتثبيت سلطته، بينما لا يظهر على المستوى الرسمي الروسي أي اهتمام بمساعدة الأسد، فكل ما تجلبه روسيا هو أساطيل إمداد وذخائر عسكرية لا تسمن ولا تغني طوابير الجوع أمام صالات الأسد التجارية.

بل إن المسألة وصلت بروسيا إلى قبض ثمن لقاحها الذي ستزود الأسد به من قِبل إسرائيل، ضاربة بعرض الحائط صورة الممانعة للأسد، وهو ما يعكس إما ثقة روسيا المفرطة بقبضة الأسد الأمنية، وإما أنها دخلت سلك الضغوطات بطريقتها ليطلب الأسد منها المساعدة من جديد على الصعيد الاقتصادي، وهنا ستدخل حسابات الحل السياسي من منظور روسي، بالإضافة إلى ملفات (إيران، وقسد، والدستور)، وإلى ما هنالك من ملفات تحتاجها روسيا لتصنع عندها قاديروف جديد كامل المواصفات.

اقرأ أيضاً:  كيف ردَّ سكان الشمال السوري على إعلان النظام فتح معبر إنساني؟

الثابت اليوم في الموقف الروسي هو أن روسيا لا ترى حليفًا وراعيًا لمصالحها مثل الأسد، وستحافظ عليه من أي شيء يهدده، لكن بعد أن يُسلِّم كل أوراق اعتماده في الكرملين، فهامش تحركه لايزال واسعًا من وجهة نظر روسيا، ولا بد من تضييق الخناق عليه، وكلما تأخر الأسد بطلب المساعدة تدرك روسيا أن تكلفة إجبار السوريين على الاستماع لصوت الأسد ستكون أكبر عليه.

ولا يختلف الأمر كثيرًا لدى الإيرانيين، فهم غالبًا ما يسعفونه بالقطارة وينتشلونه في الوقت الضائع كما حدث في تدخلهم الأول وهم يعلمون أن مشكلة الأسد ليست باخرة نفطية ولا خطاً ائتمانيًا، بل هو عجز اقتصادي شامل يعقده ظرف سياسي تورط فيه الجميع في مواجهة شعب اتفق الجميع على تشريده أو قمعه، ورغم ذلك لن ترفع طهران سقف مساعداتها للأسد

حتى تحوله إلى ممانع طيِّع تمامًا يدِين للولاية.

سورية الأسد التي يسعى النظام للحفاظ عليها لن تستمر طويلاً، لكن خياراتها في التحول معدومة للآن خارج صندوق حلفائه المراهنين على قوت السوريين وصبرهم، ومعركتهم اليوم هي فيما بينهم على من سيمسك رقبة الأسد لنفسه بانتظار إفلاسه اقتصاديًا.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط