قسد.. ثوب الثورة لا يستر العورة

غسان الجمعة

0 1٬026

احتفلت قسد هذا العام على غير عادتها في الأعوام السابقة بذكرى الثورة السورية، ورفعت أعلام الثورة في مناطق سيطرتها خلال مظاهر احتفالية، رأى فيها البعض تمهيداً لتغيير في سلوك قسد ومنهجيتها في التعامل مع المعارضة السورية.

وفي قراءة هذا الموقف الذي اتخذته قسد يُفترَض أن يكون هناك خطوات لاحقة تنسجم مع هذا التوجه الذي سلكته تلك الميليشيا من خلال السعي للتقارب مع مكونات المعارضة أو الوصول لصيغ توافقية حول الاستحقاقات السياسية والعملية التفاوضية في الملف السوري، فهل قسد قادرة على ذلك وجادة في الوصول إليه؟ ولماذا هذا التحول في موقفها الآن؟!

واشنطن تعبر عن “خيبتها”.. الحرس الثوري الإيراني يشارك بمعرض دفاعي في الدوحة

الاستدارة التي تريدها قسد أو تلك الكُرة التي رمت بها في ملعب المعارضة تصطدم بجملة من الأسباب الواقعية والسياسية التي ربما لن تسمح لها بمواصلة ذلك المسعى، فهذه الأحزاب وضعت نفسها بيدقاً في يد المصالح الأمريكية، وهي غير قادرة اليوم على الانسحاب من هذا الوضع، إن أرادت ذلك، إذ إنها أصبحت أقرب للشركة الأمنية بعقود تفضيلية على الساحة السورية، وقد ساهم ذلك في حمايتها وتوفير نوع من الاستقرار النسبي في مواجهة النظام والمعارضة على حد سواء، إلا أن ذلك لا يعني أنها مركز الثقل في عملية التفاوض والحل السياسي.

الانشغال الأمريكي بالغزو الروسي لأوكرانيا يضعف التوجه الأمريكي اليوم نحو المنطقة وسيؤثر على إمدادات السلاح والدعم الذي تتلقاه قسد مع استمرار رحى الحرب هناك، وربما تكون ورقة مساومة وضغط في حال توسع نطاق الصراع لضرب إمبراطورية المصالح الروسية التي بناها بوتين لكسب الموقف التركي في هذه الحرب، ودعم المعارضة السورية التي تتوارد أنباء عن إمكانية دعمها من جديد.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

لذلك فإن حظوظ قسد في إعادة بناء الثقة مع المعارضة السورية يعرقلها الموقف التركي والدور السلبي الذي وضعت نفسها فيه في خريطة الصراع على الجغرافيا السورية، واليوم هي الحلقة الأضعف بسبب انهيار خطوط التوازن التي بنت قسد سياستها عليها بين روسيا والنظام السوي والدول الغربية.

من جهة أخرى تواجه قسد جملة من الانتهاكات والتجاوزات ضد المكون العربي في مناطق سيطرتها، وهو ما دفعها لاستغلال هذه المناسبة لإعادة تسويق أجندتها من باب الثورة، إلا أن جرائمها المستمرة حتى اليوم تعري زيف موقفها، لا سيما قصفها المستمر على مدن وبلدات الشمال المحرر، بالإضافة إلى استمرارها بعمليات التجنيد الإجباري ونهب المخزون النفطي بالتنسيق مع النظام السوري والقوات الأمريكية في ظل أوضاع معيشية واقتصادية صعبة على الأهالي.

لذلك فإن هذا الموقف إما أنه صادر عن تخبط سياسي وقراءة مشوهة للمشهد السياسي والعسكري للثورة السورية التي طعنتها قسد مراراً وتكراراً في مواقف كثيرة، أو إن هذه الميلشيا قامت بذلك تحت ضغط أمريكي يستهدف إرسال رسالة لروسيا ورأس النظام السوري مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا ودعم النظام لهذه العملية وإعلان ميليشياته استعدادهم للقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا.

لذلك فإن قسد مهما حاولت ركوب موجة الثورة فإنها عاجزة عن ذلك، يُثقلها عنها تاريخها الإجرامي بحق الشعب السوري وانحراف بوصلتها عن مطالب السوريين بتآمرها مع نظام الأسد ومتاجرتها سياسياً وارتزاقها عسكرياً لأجندات الدول ومصالحها.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط