معرِض إدلب للكتاب 2023

صهيب طلال إنطكلي

2٬615

عزيزي القارئ البديع، روحًا وعقلًا وجسدًا أدعوكَِ – بفتحِ الكافِ وكسرها -، إلى القدومِ إلى إدلبَ وزيارةِ معرضِها قبل الانتهاء، نعم هي دعوةٌ أن نخلعَ من عقولنا كلّ آثارِ الجاهليّة الأولى، وننظرَ إلى معرِض الكتاب هناكَ كواحةِ معرفةٍ ولوحةِ بيانٍ تمثّلنا نحن الأحرارَ جميعًا دونَ استثناء.
قالتْ سعادُ لزميلاتها- وسعادُ طالبةُ طبٍّ في سنتها الثالثة في جامعة حلب في المناطق المحررة،- تنظّم رحلةً جماعيّة للمعرضِ، قالت لهنّ وقد كثُر اللغطُ حولها: لماذا لا نتّخذُ لقبَ الثّائرات فحسب، ونخلعُ كلّ عباءاتِ المسمّياتِ الأخرى، أما سمعتُنّ بحديثِ الكساءِ للنبي صلى الله عليه وسلم؟
أخبرتنا أمُّنا أمّ سلمة أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَلَّلَ على الحَسَنِ والحُسَيْنِ وعليٍّ وفاطمةَ كساءً ثم قال (اللهم هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتِي أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيرًا) فقالت أُمُّ سلمةَ: وأنا معهم يا رسولَ اللهِ قال إنكِ على خيرٍ
فلماذا لا نتخذُ مِن الثّورةِ كساءً نتجلّلُ به جميعًا!

اقرأ أيضاً: العنصري أوزداغ يحذر من حرب أهلية سورية تركية في المستقبل

تبدو فكرة سعاد جميلةً، تحت الكساءِ نرفعُ معًا كلمات النبيّ عليه السلام (الكلمةُ الحكمةُ ضالةُ المؤمن، فحيث وجدها فهو أحقُّ بها) وهذا الحديثُ وإلّم يُرفع إلى النبيّ الكريم، فإنّه صحيحٌ وبديع، ولقد وجدنا ضالّتنا اليومَ في معرض إدلب للكتاب 2023، وقبله معرض الباب، أليستِ الحكمةُ ضالّتنا.
لا تتهموني أرجوكم بالرومانسيّةِ، فأنا أصدُقُكم واللهِ، إنّ الكتبَ بريئةٌ جدًا، لا تنتمي إلّا للعقولِ النّيّرةِ، لا تعرف إلّا القارئ أينما وجدتْهُ فهي أحقُّ به، إنّها تمنحُ أسرارَها لكلِّ قارئ يطلبُ ودّها، دونَ قيدٍ أو شرطٍ، هل سمعتم بكتابٍ أبتْ صفحاتُه أنْ تُمنحَ إلّا لقارئٍ مخصوص، هل سمعتَ كتابًا يشترط على القارئ شرطَ العمُرِ أو اللونِ أو الانتماءِ أو الدرجة العلميّة؟


إذا كنتَ يا قارئي عِشتَ في إدلب قبلَ الفتحِ، فإنّك وأنتَ تطالعُ عناوينَ الكتبِ هناك وتسيرُ في دروبِ ياسمين المعرفةِ، ستقفزُ إلى ذهنكَ دونَ إرادةٍ منكَ صورةَ الشجرةِ المثمرة في الربيعِ البديعِ وصورتها في الخريف وهي عيدانٌ خشبيةٌ ليس إلّا، نعم، كانتْ إدلبُ قبل الفتحِ في خريفٍ لا ينتهي، تعمّد النّظام نسيانها حتّى باتتْ آنذاك مدينةً منسيّةً على هامشِ الذّاكرة، وبعد الفتحِ كان الربيع ويستمرّ بفضلِ الله، لقد قدّر الله لهذه المدينة أن يشاركَ في تحريرها كلّ الثائرين، لتكون جامعةً مانعةً لا شرقيّةً ولا غربيةً.
عندما تزور معرض الكتبِ في إدلب تشعرُ أنّ الجمالَ ينتشرُ حولنا بكثرةٍ ويُبدّدُ الظلام في أرواحنا.
عندما تزور معرض الكتاب سلّم على الوجوه المبتسمة وعلى صفحات الروايات وكتبِ الأدب القديمة، سلم على المدينة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط