جرى خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 16 و17 من فبراير الجاري في سوتشي الروسية الجولة رقم 15 ضمن مسار آستانة الخاص بالشأن السوري.
وأثارت البنود التي تمخضت عن الجولة آراء متفرقة وعديدة في صفوف السياسيين السوريين، وأغلب تلك الآراء اتفقت أن الجولة الـ 15 من آستانة تصبُّ في مصلحة نظام الأسد.
العميد أحمد رحال يقول لحبر: “إن العملية السياسية لا يعوَّل عليها، وأنا لا أسمح أن تكون آستانة الحل السياسي، المخصص للبند ١٢، ١٣، ١٤ من القرار ٢٢٥٤ الخاصين بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة التي سيطر عليها نظام الأسد، وبالتالي لا علاقة لمسار آستانة بالمسار السياسي.
مضيفًا أن أي عمل يجري في آستانة هو عملية التفاف على القرار ٢٢٥٤، وكل من يسير في هذا الركب هو يؤيد إيران ونظام الأسد وروسيا في تخريب القرار الدولي ٢٢٥٤.
في حين يرى السياسي (رضوان الأطرش) أن مسار آستانة لم يكن يومًا ما حلًا لما يجري في سورية، بل على العكس تمامًا ستبقى آستانة نقطة سوداء في ذاكرة السوريين بشكل عام وأهل الثورة بشكل خاص، فكل جولاتها كانت في مصلحة النظام، بينما الثورة تتراجع أكثر وأكثر.
وإن تجميع السوريين المعارضين لنظام الأسد في نقطة معينة هو خطر على الشعب السوري وعلى الثورة السورية.
اقرأ أيضاً: تطور جديد للموقف الروسي تجاه العملية الدستورية
واتفق المحامي (يوسف حسين) مع (الأطرش) بأن جولة آستانة كانت استمرارًا للمماطلة في حل معاناة الشعب السوري وهي التفاف على تنفيذ القرارات الدولية ومنح نظام الأسد وروسيا مزيدًا من الوقت؛ لإنهاء الثورة بالقتل والتهجير والسيطرة على الأرض السورية.
ورأى أن بنودها لا تختلف عن بنود اجتماعات آستانة السابقة تصب كلها في مصلحة نظام الأسد وروسيا ولا يوجد أي بند في مصلحة الشعب السوري وإن جاء بند في مصلحة الشعب السوري فإن روسيا ونظام الأسد لا يلتزمان به.
اتفاق على التهدئة في إدلب
رأى العميد (أحمد رحال) أن تمديد اتفاقية الهدنة والتهدئة في إدلب غير موثوق، وقال: “على الأرض لا يطبَّق هذا الكلام، إذا كان باتفاق الروس مع الأتراك ولقاء الرئيسين بوتين وأردوغان، لم تحترم روسيا اللقاء والاتفاق، فهذا غير وارد، فالروس يقولون شيئًا والنظام يفعل عكسه بعلم الروس.”
وعدَّ (الأطرش) أن “بند اتفاق التهدئة في إدلب مازال غامضًا، ورأى أنه عبارة عن تسكين وتهدئة هذه الجبهة ونقل قوات النظام، ما يعني أن الملف هذا سيكون هادئًا وقتًا معينًا فقط، وستشتعل المعارك في منطقة أخرى، كأنما الشعب السوري عبارة عن شعب مقسَّم، إلا أننا نؤكد أن الشعب هو واحد ومصيره واحد، لذلك نرفض هذه التهدئة إلا بشرط أن تكون التهدئة على عموم الشعب السوري وأن يكون وقف إطلاق النار على كامل التراب السوري، ثم البدء بحل سياسي واضح وصريح.”
وأشار المحامي (يوسف حسين) إلى أنه على امتداد عشر سنوات لم تصدق روسيا ولا نظام الأسد في أي هدنة، ولن يكون اتفاق التهدئة هذا مخالف للاتفاقات السابقة.
اللجنة الدستورية التي دعمتها الجولة
يقول رحال: “إن اللجنة الدستورية هي مخالفة لتسلسل العملية التفاوضية، فلدينا أولًا هيئة حكم انتقالي، يليها سلال من ضمنهم سلة الدستورية، فهو قفز خاطئ، أيضًا ما ينطبق على آستانة ينطبق على اللجنة الدستورية، سنة ونصف في التأليف، خمس جولات والمحصلة كانت صفرًا.
ويضيف أن “اللجنة الدستورية هي عبارة عن وقت يُعطى للنظام لتحصيل ما يمكن تحصيله وقتل ما يمكن قتله وقضم من الأرض حتى يتم إجبار المعارضة على حلول قسرية، فبالتالي كل من يشارك فيها هو مشارك في جريمة بحق الشعب والثورة.”
اقرأ أيضاً: انتحاري يفجِّر نفسه في مجلس عزاء تابع للجيش الوطني شرق حلب
وبرأي (الأطرش)، فإن اللجنة الدستورية ملفها ولد ميتًا ولا يزال ميتًا، وحتى هذه اللحظة لم يتفق الأطراف المعنية بالموضوع على أي بند على الإطلاق، ومايزال النظام يعطل ويعرقل أي بند في الموضوع، وما تزال المعارضة بكل أسف متمسكة بهذا الملف رغم ضبابتيه وعدم وضوحه وعدم وجود جدول زمني واضح لهذا الملف.
وأشار (الأطرش) إلى أنهم طالبوا مرارًا بأن يكون للملف هذا سقف زمني واضح، لكن عبثًا، لم يتم حتى اللحظة سياقة أي بند، وعدَّ هذا الملف هو تعطيل لكل مسار سياسي، فالنظام متجه باتجاه انتخابات، وسوف يقوم بانتخابات بموجب دستور ٢٠١٢، متذرعًا أن اللجنة الدستورية وصلت إلى طريق مسدود في صياغة دستور جديد.
في حين يرى المحامي (يوسف حسين) أن اللجنة الدستورية بدأت ميتة ولا يمكن أن يكتب لها الحياة بوجود نظام الأسد، وهي بالأصل مقترح روسي للالتفاف على قرار الأمم المتحدة ٢٢٥٤، مشيرًا إلى أن موقف غالبية المحامين الأحرار موقف واحد من اللجنة الدستورية.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام بالضغط هنا
وعدَّ الكثير من السياسيين أن آستانة هي محاولة لتخطي ما أقرته الأمم المتحدة بخصوص الملف السوري، وهو ما رفضته روسيا وبدأت بالعمل على وتيرة آستانة واللجنة الدستورية التي تشهد جمودًا في مسيرتها.
قرارات آستانة الأخيرة لمصلحة من؟
يقول رحَّال: “كل قرارات آستانة خلال 15 جولة لم تكن في مصلحة الثورة السورية، بدليل أنهم قالوا هو المسار لإطلاق سراح المعتقلين، فهل تم إطلاق سراح المعتقلين؟! قالوا لفك الحصار عن المناطق المحاصرة، أين المناطق المحاصرة؟ سيطر عليها نظام الأسد جميعها والمنطقة الأخيرة في إدلب لولا الحماية التركية لكان قد سيطر عليها، قالوا أيضًا لوقف إطلاق النار، وهو ما لم يحدث، فآستانة هي الوسيلة التي عمل عليها الروس وسهلها وفد (أحمد طعمة) ووفد (أحمد بري)، لتبرير هذه الانتكاسات، كل البنود والجولات تصب في مصلحة طرف واحد هو نظام الأسد.”
وعدَّ الأطرش أن الشيء الواضح فقط من اجتماع آستانة 15 هو أن آستانة 16 سوف يعقد في (نور سلطان) منتصف العام، بينما جميع البنود التي تمخضت عن الاجتماع كانت عبارة عن بنود محاصصة دولية بين أطراف مثلث هذه المعادلة، تركيا وروسيا وإيران، جميع البنود لم تكن في مصلحة الشعب السوري، ولا مصلحة الثورة، في المقابل وجدت بنودًا تؤثر سلبًا على الثورة وإيجابًا على نظام الأسد بشكل عام.
ورأى أن كل بيانات آستانة ١٥ وكل بنودها كانت تصب في مصلحة النظام، وألقى لومه على الفصائل المنخرطة في هذا الملف وطالبها بالتوقف عن العمل في هذا المسار، واستعادة القرار من جديد، وأن يكون أملها في السياسة بسلة واحدة هي سلة جنيف.
وأوضح (حسين) أنهم منذ البداية كانوا ضد اجتماعات آستانة لأنها مقترح روسي إيراني لمنح النظام مزيدًا من الوقت لقمع الثورة ولإبعاد المأساة السورية عن التدويل في الأمم المتحدة والمطالبة بتنفيذ القرار ٢٢٥٤ الذي فيه نهاية نظام الأسد، وهذا الرأي يتشارك فيه المحامون الأحرار.
روسيا تستعد للعمل مع المعارضة
وصرحت روسيا على لسان المبعوث الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف أنها مستعدة للعمل مع المعارضة السورية في أي وقت تشاء، وذلك وفق العملية السياسية حسب ما نقلت مصادر إعلامية.
يقول (رحَّال): “إن الروس يعملون مع المعارضة في حال قبلت المعارضة تسليم المناطق للروس، أما العمل مع المعارضة وفق بنود لمصلحة المعارضة فهذا مستحيل، فهدف التدخل الروسي في سورية هو لإعادة كافة المناطق السورية لسيطرة نظام الأسد، واعتقد أن العمل بين الروس والمعارضة لن يحدث.”
وردًا على هذا السؤال قال السياسي رضوان الأطرش: “يجب أن نعلم أولًا من هذه المعارضة التي يجب أن تعمل معها روسيا، فهل هذه المعارضة مؤمنة بأهداف الشعب السوري والثورة السورية؟ هل المعارضة مؤمنة بالانتقال السياسي وفق القرارات الدولية وأهمها بيان جنيف في ٢١١٨ و٢٢٥٤؟ أم أن هذه المعارضة تقبل بتسوية سياسية حسب الحل الروسي التي تحاول روسيا إقناعه وإدخاله في الثورة السورية؟”
اقرأ أيضاً: الحرس الثوري يرسل منصات صاروخية لميلشياته في دير الزور
أمريكا ترفض حضور آستانة
وصرحت موسكو قبل انعقاد مباحثات الجولة الخامسة عشر من آستانة أنها قدمت دعوة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحضور إلى آستانة، إلا أن واشنطن رفضت الدعوة الروسية بالحضور.
ويقول العميد (أحمد رحَّال): “إن أطراف آستانة دائمًا يشعرونا بأن آستانة هي مسار حقيقي إلا أن اعتقادي أن القرار والتصريح الأمريكي، أن أي حل في سورية يجب أن يستند إلى القرار ٢٢٥٤، كأنما واشنطن تقول لموسكو يكفي لعبًا دون قرارات دولية ومفاوضات حقيقية في جنيف لن يكون هناك حل.”
ملفات غائبة على طاولة آستانة
وقد تغيب أبرز الملفات السورية عن طاولة المفاوضات في آستانة 15، ولم تذكر البنود ما هو مصير مئات الألوف من المهجرين في الخيام سواء في الشمال السوري أو دول اللجوء، باستثناء تأكيدهم عودة اللاجئين في أحد بنود البيان الختامي.
وهو ما يراه (الأطرش) أنه تأكيد مباشر للعمل بمؤتمر اللاجئين الذي انعقد برعاية روسية على أرض سورية، قائلاً: “إن روسيا تحاول دعم هذا الملف، كما دعمت سابقًا سوتشي واللجنة الدستورية، اليوم لا يستطيع أي إنسان سوري سواء مهجر أو نازح العودة إلى مناطقه إلا عبر عودة طوعية وآمنة وهذه العودة لا يمكن أن تتم بوجود النظام أو إيران أو روسيا.”
كما يغيب أيضًا ملف المعتقلين والمغيبين عن آستانة 15، وهو ما خصصت آستانة لأجله، فلم يتطرق أي من الأطراف المشاركة للحديث بجدية عن مصير مئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين في سجون النظام، الموضوع الذي يراه (رضوان الأطرش) أنه أصبح هامشيًا على قوائم اجتماعات آستانة.