اتفاق حلب.. ينهي الخلاف ويؤسس لمرحلة غامضة

غسان الجمعة

1٬519

عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه من قبل، هو مختصر ما توصل إليه الأطراف في اتفاق حلب عقب الاقتتال الفصائلي الأخير في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات وبمعزل عن تحديد المنتصر والمهزوم والباغي والمظلوم، إذ إن اتفاق حلب الذي أُُبرم يؤسس لمرحلة غامضة في المناطق المحررة، ويصنع قواعد جديدة على أرضية التعاطي مع الأمور سياسياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً في كل من مناطق الجيش الوطني وهيئة تـ.ـحرير الشام التي لا تزال حتى الساعة تحتفظ بنقاط متقدمة لها في قرى غصن الزيتون.

مدرعة تركية تدهس مدنياً في عفرين

فالاستقلالية بين المناطق بأشكالها كانت وهماً وانتهت تماماً، وأثبتت مجريات الأمور الأخيرة ذلك، ففي السابق تدخلت تـ.ـحرير الشام في غصن الزيتون بحجج اقتصادية عدة كيلو مترات، وأزالت كازيات ومراكز تهريب تضر بمصالحها في مناطق إدلب.

واليوم تدخلت عسكرياً تحت اسم “أحـ.ـرار الشام” في عمق غصن الزيتون بأرتالها، وإن كانت استعراضية بعتادها وشكلها وطريقة دخولها، إلا أنها كسرت المحظور باعتبارها مناطق مُحرّمة على فصيل يصنف (إرهـ.ـابياً) وطرد عشرات الفصائل إليها بغية الاستفراد بمنطقة إدلب وأرياف حماة وحلب.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

بالمقابل ماتزال حتى اليوم قوات ونقاط رباط للجيش الوطني على تخوم إدلب في مواجهة النظام في منطقة تقع تحت هيمنة تـ.ـحرير الشام، وفي ذلك مصلحة لكل الفرقاء والأطراف، وتتبادل اقتصادياً هذه المناطق الكثير من البضائع والمنتجات، وتجني معابر الفصائل أرباحاً طائلة باتت تعتمد في تحقيقها على بعضها البعض.

من جهة أخرى أثبت الجيش الوطني أنه قوة متخبطة ومرهونة القرار من أطراف ومصالح فئوية وشخصية يقدس فيها العنصر “المعلم” دون عقيدة واضحة لدوره وحقوقه وواجباته، في حين يتمتع عناصر تـ.ـحرير الشام بالانضباط والقدرة على سرعة التحرك والتنظيم الدقيق، وكلا الطرفين يعرف أن للتآخي مع القرارات التركية حدودًا يتم ضبطها كما تريد تركيا، وما حصل يحمل في طياته تأديباً لأطراف وترهيباً وترغيباً لأخرى.

وليس بعيداً عمَّا سبق فإن سورية ساحة حرب، وما تريده تركيا وجود حلفاء أقوياء ومنضبطين، وما يثار من تصنيفات وتوصيفات بين الحين والآخر عن بعض الفصائل ليست سوى للاستهلاك الإعلامي، وقد ضاقت أنقرة بفصائلها ذرعاً من كافة النواحي وخصوصاً تلك الأمنية، وفي تحرك الأمس ظهر الضوء التركي الأخضر بشكل جليّ لـ.ـتحرير الشام بدخول المناطق، وكان رسالة لا شك في تفاصيلها للجيش الوطني من أن دخول الـ.ـهيئة ليس أمراً مستحيلاً أو صعباً لا سيما وأنها تتحرك تحت راية فصائل أخرى.

من جانب آخر أكدت أحداث الأمس أن بندقية الثورة ليست لخدمة أحرارها، إنما هي في خدمة مشاريع مشوهة ومصالح مشبوهة، تماماً كما هو حال الوضع السياسي، فالمناصب مقتسمة، والمناطق والأدوار موزعة كما مصالح الفصائل، وحالة السلبية التي ظهرت بين الناشطين وعدم المبالاة من قبل المدنيين تعكس فقدان الحاضنة بسبب سياسة هذه الأطراف وسلوكها، لاسيما أن المدنيين هم الضحايا والخاسر الأكبر عقب “تبويس الشوارب” كما يُقال.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط