معاذ الحاج عبد الله
تعدُّ اليد العاملة في الشمال السوري مصدرًا مهمًا في كسب الرزق بالنسبة إلى الأسر التي ترأسها النساء في مخيمات الشمال السوري.
وبالرغم من مرارة النزوح ودموع القهر لا تجد النساء ملجأ لسد جوع أطفالهنَّ إلا العمل في الأراضي الزراعية منذ ساعات الصباح الباكر.
وتقطع النساء، لا سيما النازحات المقيمات في المخيمات، مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى مكان العمل متحملة صعوبة الطقس والكثير من القهر والمزيد من الحسرات لمسافة بين المخيم والأرض بعيدة جدًا.
وبعد كل المتاعب تصل المرأة إلى مكان العمل بجسد منهك لتعمل بأجر زهيد جدًا لا يكفي لإطعام أولادها القليل من الخبز.
أجز زهيد لا يكفي لشراء الخبز
أم عمر “ذات ٥٢ عامًا ” واحدة من تلك النساء، تقول إن عائلتها كبيرة، والإغاثة التي تصلها لا تكفي، فاضطرت إلى العمل في الأراضي الزراعية.
اقرأ أيضاً: الحظر في تركيا يجبر بعض السوريين على العودة إلى الداخل السوري
تقول أم عمر: “إنني أخرج باكرًا لمسافة بعيدة من بيتها إلى مكان العمل وتعمل مدة خمس ساعات إلى ست، بأجر قدره عشر ليرات تركية، بالإضافة إلى الحصول على بعض الخضراوات التي لا تصلح للبيع.
في حين تؤكد (أم يوسف) التي تعمل بالأراضي الزراعية أيضًا أنها تعمل بأجر ليرة بالساعة، حيث تخرج مع مجموعة من النساء يرأسها شخص يطلق عليه “شاويش” هو المسؤول عن إخراجهنَّ للعمل حيث تترك زوجها المريض وابنها الذي لا يتجاوز الخامسة من عمره مع أخواته في المخيم.
أما (فاطمة الأسعد) التي تعمل خياطة فهي تأخذ أجرًا أسبوعيًا يبلغ 125 ليرة، لكن ساعات العمل طويلة جدًا، إذ يبدأ الدوام عند الساعة 8 صباحًا وينتهي في الساعة 6 مساء، أي 10 ساعات عمل يوميًا، (70 ساعة أسبوعيًا مقابل 125 ليرة تركية!!).
لمتابعة الأخبار السياسية والمنوعة اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
التهجير والنزوح على رأس الأسباب
ويعد النزوح والتهجير أحد أهم الأسباب التي تدفع النساء للقبول بهذه الظروف الصعبة، حيث تشير (أم يوسف) إلى أن سبب خروجها للعمل والقبول بأجر زهيد هو تهجيرها عن أرضها وبيتها وأنه السبيل الوحيد لديها لسد فاقتها المعيشية وتضيف أيضًا أن الأجر لا يكفي “حق خبز” وأنها تريد أولادها مثل أقرانهم ورفاقهم إلا أن مدخولها ضعيف.
ويقول الأستاذ (مالك الصبيح)، مدير مخيم كفر سجنة في الشمال السوري: “إن معظم العاملات في الأراضي الزراعية مسؤولات عن أسر كبيرة وأن المساعدات الإنسانية غالباً تكون غير كافية.
كما أن هناك دعم خاص لهذه العائلات، إلا أن المواد الأساسية للعائلة مثل جرة الغاز ولباس الأطفال يشكل عائق أمام هذه الأسر، بحسب الصبيح.
وأضاف الأستاذ (الصبيح) أن “ضعف إمكانيات المنظمات بالمشاريع الصغيرة وعدم تغطية الاحتياجات الكاملة لمعظم الأسر النسوية ساهم في انتشار عمالة النساء بأجور زهيدة.”
دورات كثيرة دون فائدة
يقول السيد (الصبيح): “إن أغلب النساء اللواتي خضعنَ لدورات تدريب خياطة وكوافيرا لم يستفدنَّ من خبراتهنَّ؛ بسبب ضيق المكان وضعف الإمكانيات الاقتصادية وأن انتشار وباء كورونا تسبب بتوقف العديد من مراكز تمكين المرآة والتدريبات الفيزيائية بالمخيم ممَّا اضطر النساء إلى العمل بأجور زهيدة.
ويلقى قطاع العمل النسائي تجاهلاً كبيرًا من قبل الحكومات، لذلك لا بد من تسليط الضوء على معاناة هذه الفئة التي عانت من هموم عديدة أفرزتها الحرب السورية.