خطاب الانتخابات وإعلان الحرب على الثورة

أحمد وديع العبسي  

0 1٬558

 

 

انتهت أول أمس مسرحية الانتخابات بكامل فصولها، وأعلن رئيس البرلمان السوري!! النتيجة التي يعرفها الجميع، لكن النسبة كانت مفاجئة بعض الشيء، بالنسبة إلي على الأقل، لأنني توقعت أن تكون أقل من المرة الماضية أي بين 70 و85 بالمئة كحد أقصى، وذلك من أجل أن تكون المسرحية متقنة بشكل أفضل، لكن النظام لا يستطيع أن يصدق هو نفسه المسرحية، ولا يريد نسبة أقل من 95 بالمئة.

بعيدًا عن تفاصيل المسرحية الانتخابية الهزيلة جدًا، التي كانت تمارس بطريقة مستفزة لترسخ الطغيان والاستبداد، دون اهتمام حتى بالشكليات أو بالخداع، فقد جاءت الصور والفيديوهات لتقول للعالم هذا البلد يُحكم بالحديد والنار، ولا يهتم أبدًا حتى بإظهار شكليات الديمقراطية، قشور بسيطة فحسب قام بها ليسخر من الجميع، ويخبرهم أنهم حمقى عندما ينتظرون أن تجري الانتخابات في هذا البلد.

اقرأ أيضاً: علامة البر والإثم

بعيدًا عن كل هذا، كان اللافت هو خطاب الطاغية، خطاب الفوز بالانتخابات ومنح الثقة له لولاية جديدة كما تم تعريفه، الخطاب الذي كان مستفزًا جدًا بمزاودته على الثورة والثوار، ومحاولة سلب الثورة وقيمها في هذا الخطاب، عندما وصف الطاغية الانتخابات ونتائجها بالثورة، والمؤيدين له بالثوار، الذين نجحوا في الاستحقاق الوطني الدستوري.

الخطاب الذي جاء بسجع مبتذل ومعانٍ مكررة، ركز على إعادة تعريف الثورة لوضعها إلى جانب النظام، وإسباغ قيم وأخلاق الثوار على معسكر النظام، ونقل جميع مساوئ النظام وجرائمه إلى معسكر الثورة.

الخطاب أيضًا جاء رافضًا لأي شراكة مع المعارضة، كأنه خطاب نصر أخير، فلا مكان في هذا الوطن إلا لمؤيدي الطاغية كما تستدعي الوطنية، وغير ذلك هو الخيانة، كما جاء في الخطاب إعادة تعريف الوطنية والخيانة والأخلاق والإنسان والعمل والسلاح والشرف، وكل المعاني التي شوهها النظام بإجرامه وحماها الثوار بدمائهم.

ولعل أصدق ما قاله الطاغية في نهاية خطابه أن الرسالة وصلت، ليس عبر الصندوق، إنما عبر المواقف، فالصندوق لم يكن إلا وسيلة شكلية للنصر العسكري الذي يعتقد النظام أنه حققه، وليس إلا مرحلة أخيرة، قبل أن يُعاد تعديل الدستور من أجل ولاية أبدية كما يريدها الأسد ومن حوله من المجرمين.

أعتقد أن محاولة سرقة الثورة وقيمها وتحويل خطابها ليكون جزءًا من خطاب النظام هو تأكيد انتهاء المفاوضات من قبل النظام، واستعداده لخوض معركة عسكرية جديدة ضد من أسماهم الخونة بعد الاستحقاق الانتخابي، فلا توجد معارضة (وطنية) ترفض نتائج الانتخابات، وعليه أصبح كل من لا يرضى بهذه النتائج عدوًا وخائنًا يجب القضاء عليه، وهذا ما يجب أن نستعد له في المرحلة المقبلة.

المدير العام | أحمد وديع العبسي  

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط