بناءً على دعوة وجهتها موسكو إلى القيادة السياسية في حركة حـ.ـماس يجري وفد من الحركة برئاسة (إسماعيل هنية) زيارة رسمية إلى روسيا هدفها بحث المستجدات الدولية والمتغيرات المتعلقة بالمنطقة وتأثيراتها على القضية الفلسطينية.
والتقى الوفد عدداً من المسؤولين الروس على رأسهم وزير الخارجية (لافروف) وليس خافياً على أحد مصالح الحركة في تلبية هذه الدعوة ودورها في تعزيز مواقفها لما تتمتع به روسيا من دور دولي وإقليمي مؤثر في ظل تجاهل شبه تام للحركة من المحور العربي الرسمي وانقسام البيت الفلسطيني وحالة الحصار التي تكابدها غزة.
بالمقابل فإن الاستضافة الروسية لوفود الحركة للمرة الثانية خلال هذا العام يبدو أنّه يحمل في طياته رسائل جديدة وله دوافع تتفق والظروف الإقليمية والدولية الحالية فما الذي تريده موسكو من حـ.ـماس؟
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ
إسرائيل أرضية المصلحة المشتركة بين الطرفين وقد شهدت العلاقات الروسية الإسرائيلية توترات متكررة في الآونة الأخيرة ظهرت بسبب الدعم الإسرائيلي الواضح لكييف في مواجهة الغزو الروسي ومن هنا تأتي دعوة حـ.ـماس في سياق الرد المباشر على موقف تل أبيب من الحرب الأوكرانية الروسية بل وتسعى موسكو من خلال هذه الرسالة لتوفير الضغط اللازم لعدم تطوير إسرائيل لموقفها بشكل ينعكس أكثر سلبية على الوضع الروسي في أوكرانيا.
من جانب آخر تأتي الزيارة عقب أسابيع من سحب موسكو لمنظومتها أس300 من السواحل السورية والتي حولتها إسرائيل في إصرارها المستمر على مهاجمة الأهداف الإيرانية في سوريا إلى مادة للسخرية وتسببت في إحراج العسكرية الروسية سياسياً وشعبياً من قبل جمهور محور المقاومة.
واليوم تحاول موسكو من خلال هذا التقارب رأب الصدع بدعم الحركة واحتضانها بالإضافة إلى أن زيارة حـ.ـماس إلى موسكو تعوض الفراغ الذي خلفه سحب المنظومة في ميزان حسابات المصالح الإسرائيلية الروسية فليس من المفيد أن تفقد ورقة مساومة دون أن تعوضها بأخرى.
وفي إطار أوسع تصب زيارة الحركة للعاصمة الروسية في مسار سياسة بوتين الهادفة إلى بناء منظومة عالمية متعددة الأقطاب باستقبال روسيا لحركة مصنفة كإرهابية في معظم دوائر القرار الغربية وعلى رأسها واشنطن.
وحـ.ـماس تدرك أنها حصان طروادة الذي يريده (بوتين) للاستعراض من خلاله على الساحة الدولية وذلك لكسر التابو الذي ترسمه الدول الغربية في إطار علاقات المجتمع الدولي وحـ.ـماس هي أكثر من يعاني من هذه السياسة وتتقاطع مصالحها مع موسكو في إحداث تغيير في المنظومة الدولية على أمل أن ينعكس ذلك على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
لا تريد روسيا التفريط بعلاقاتها مع إسرائيل ولا الدخول معها في صراع جيوسياسي عميق بقدر ما تريد ضبط إطار هذه العلاقة وتأسيس قواعدها وفقاً لمبدأ توازن المصالح فيما بينهما ولاسيما أن الدبلوماسية الروسية تدرك أنه لا يمكن المقارنة بين المصالح الحالية مع إسرائيل والمصالح الروسية مع حـ.ـماس.
لذلك يمكننا القول إن صاحب الدعوة والضيف يلعبان لمرحلة تكتيكية قصيرة وقد وجدا نفسيهما في خط دفاعي واحد يفترض منهما إيقاعاً سياسياً ودبلوماسياً متناغماً على الساحة الإقليمية والدولية ويحقق لكل طرف غايته من الآخر كما تقتضي رؤيته.