اللجنة الدستورية نهاية البداية

أحمد وديع العبسي

0 441

 

يبدو أن الفصل الأول من اجتماعات اللجنة الدستورية قد شارف على النهاية بعد خمس جولات كاملة امتدت على أكثر من عام دون أن تصل إلى نتيجة واحدة، بل حتى دون أن يحدث أي تقارب في وجهات النظر أو أي علاقات إيجابية بين الوفود الثلاثة، فبحسب بعض أعضاء الوفود فإن مرحلة كسر الجليد والتفاهم على مبادئ بسيطة جدًا لا يختلف عليها أحد لم يتمكن المشاركون من تجاوزها.

إن ما حدث بعيدًا عن تأييد عمل اللجنة أو معارضتها يشرح بوضوح الشرخ الكبير الذي تعاني منه سورية على مستوى الكيانات والأفراد، وهذا الشرخ أوسع بكثير من مصالح الدول الداعمة صاحبة النفوذ؛ لأن هذه الدول يوجد ما تلتقي عليه، أمّا الأطراف السورية فهي توسع حالة العداء بينها كل يوم ليختفي أي شيء يمكن اللقاء عليه أو البداية منه من أجل التحضير لمرحلة سياسية جديدة بأي عنوان كانت.

يبدو أن هناك حالة إقصاء متفاقمة يصبح فيها كل طرف عاجزًا عن تقبل وجود الطرف الآخر بأي شكل، والعجز هنا يتجاوز مرحلة القبول على مضض، بل يمتد إلى حالة من الشلل تجعل أي سيناريو للتعايش مستحيلاً في الوقت الحالي مهما كان حجم التنازل أو المقايضة.

اقرأ أيضاً: الأسد يستمر بعبثية اللجنة الدستورية والأجندة الوهمية لهذه الأسباب

وهذا ما سيؤدي غالبًا إلى خسارة السوريين أي قدرة على الفعل في قضيتهم ليصبح تأثيرهم صفريًا بشكل حقيقي، ويتم فرض الحل خارجيًا ليرسخ حالة الانقسام والعداء، ويصبح السوريون أكثر ولاء لتحالفاتهم الخارجية في وجه أنفسهم، وهو ما ظهر بوضوح من خلال تجربة اللجنة الدستورية.

طبعًا ستكون الانتخابات القادمة بناء على هذه النتائج مجرد مسرحية هزلية لن تنتج أي شيء غير متوقع، وسيستمر الحال على ما هو عليه سنوات قادمة طالما أن الدول صاحبة النفوذ تريد استقرار المنطقة، وسيتم استعمال الأرض السورية لأي مواجهات قادمة بين الدول الكبرى أو تصفية حسابات أو حتى (زعرنات) سياسية بين أصحاب النفوذ، وربما يلجأ من يشعر نفسه متفوقًا في أي مرحلة إلى حسم الصراع عسكريًا لا لأجل طرف سوري دون آخر، بل لأجل حسم مصالحه في هذه المنطقة نهائيًا والانتقال إلى مناطق أخرى، فالصراع السوري استطاع أن يجعل ساحة المعركة الإقليمية والدولية تمتد لأماكن أخرى ذات أهمية إستراتيجية لدول النفوذ.

ما وصلنا إليه اليوم يجعل الحل السياسي صعبًا جدًا أو مستحيلاً، ويعيد الفوضى العسكرية للواجهة، كأداة لحسم التفاهمات بلغة القوة والضعف، وهذا بالطبع لن يكون في مصلحة السوريين أينما كانوا، سواء في مناطق سيطرة المعارضة التي تختنق من الموت، أو في مناطق سيطرة النظام التي تختنق من الفساد والفقر.

السوريون هم الخاسر الأكبر عند توقف الحل السياسي، لأن الحلول الأخرى ستأكل ما تبقى من دمائهم وبلادهم، وليس لدى أي طرف من أطرافهم القدرة على الحسم في المعركة المقبلة.

أو ربما سيكون التقسيم هو الحل الذي يحفظ الأرواح ويهدر البلاد، ربما …

المدير العام | أحمد وديع العبسي  

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط