ليلة سقوط ترمب

قتيبة عبد الجواد

0 189

قتيبة عبد الجواد

بمجموع 306 أصوات في المجمع الانتخابي، أُعلن فوز الديمقراطي جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي لم يعترف به الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، وقام بكل ما يستطيع من سبل قانونية وغير قانونية للتشكيك في صحة الانتخابات والطعن في نزاهتها، مرتكزًا في نقده إلى آلية التصويت عبر البريد الإلكتروني الذي اتبعته غالبية الولايات خاصة بعد تفشي فايروس كوفيد 19.

ولكن هيئة البريد فندت ادعاءات ترمب بوجود تزوير كبير في الاقتراع عبر البريد لمصلحة الديمقراطيين.

إن الاقتراع عبر البريد ليس جديدًا، إنما متبع منذ الحرب الأهلية 1860، ويعدُّ آمنًا بشكل كبير؛ إذ لا تتعدى حالات التزوير فيه 0,00006% وهي نسبة لا تكاد تذكر.

عادة ما يستنكف الفقراء والفلاحون أن يصوتوا في الانتخابات الأميركية، وغالبًا ما يمنحون أصواتهم للديمقراطيين، ولاقت فكرة التصويت عبر البريد استحسانهم، ولذلك عارض ترمب التصويت البريدي، وفعلاً كان للتصويت عبر البريد كلمة الفصل ورجحت كفة بايدن وأوصلته لسدة الحكم.

لم تكن فكرة خسارة الانتخابات تراود ترمب إطلاقًا، بل كان دائمًا يتحدث عن الفوز بكل ثقة، لكن يبدو أن قرار تنحية ترمب عن سدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية صدر من الدولة العميقة قبل أن يصدر من صناديق الاقتراع، رغم كل ما قدمه ترمب لأمريكا.

ففي الشأن الداخلي -وهو ما يهم الناخب الأمريكي – حقق ترمب للاقتصاد الوطني قفزة نوعية، فقد شهد سوق الأسهم الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا، وبالمقابل تدنى مستوى البطالة في الولايات المتّحدة إلى 3,5 وهو الأدنى منذ 50 عامًا.

ودوليًا لم تبدأ الولايات المتحدة في عهد ترمب أي معركة خارجية، وكانت معظم حروبها بالوكالة، وعملت على تصفية خصومها عبر عمليات اغتيال بطائرات من دون طيار ونجحت في قتل الإرهابي سليماني وشريكه أبي مهدي المهندس.

وعلى الصعيد العربي قام ترمب بفرض إتاوات على دول الخليج العربي بلغت أكثر من خمسمئة مليار دولار دعم بها ترمب خزينة الدولة.

ما سبب خسارة ترمب الانتخابات الأمريكية؟

بعد كل ما قدمه ترمب لإسرائيل وللشعب الأميركي اتخذ القرار في الدولة العميقة، يجب تنحية ترمب عن سدة الحكم.

اقرأ أيضاً: اللجنة الدستورية نهاية البداية

الدولة العميقة لا تريد رئيسًا وقحًا يتفاخر ببلطجيته على الدول الغنية فيسلبها أموالها على الملأ، مما شوه الصورة “المثالية” التي تحاول أمريكا رسمها لنفسها أمام العالم، ثم إن ترمب يقوم بذكر كل ما يفكر بعمله للصحفيين أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يسبب إحراجًا لمؤسسات الدولة.

وفيما يخص إسرائيل رغم أنه قدم للوبي الصهيوني مالم يقدمه رئيس قبله، فنقل مقر السفارة إلى القدس واعترف بها عاصمة لإسرائيل، وكان عرّاب التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية عبر تقديمه ما يسمى بـ “صفقة القرن”.

فقد قام ترمب برمي كل أوراقه على طاولة نتنياهو ولم يترك في يده ولو ورقة واحدة يلوح بها ليجذب إليه اللوبي الصهيوني من أجل دعمه في ولاية ثانية، ولم يعد في جعبته ما يقدمه لإسرائيل، فباعوه في أقرب سوق نخاسة.

على عكس سلفه أوباما الثعلب الذي كان يقوم بكل ما تمليه عليه الدولة العميقة بخبث ودهاء ودون إثارة الضجيج حوله، ولم يكن يفعل كل ما يطلبه منه اللوبي الصهيوني، بل كان دومًا يبقي بين يديه ما يجعلهم بحاجة إليه.

تعامل ترمب مع جائحة كورونا كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، فكانت تصريحاته حول الفيروس مستفزة ومفتقدة لأدنى درجات العلمية، حتى أنه في إحدى تغريداته اقترح حقن المصابين بفيروس كورونا بالمطهرات والمعقمات، مما أثار موجة من السخرية والتنديد اضطر بعدها لسحب تغريدته وتقديم الاعتذار عنها.

اقرأ أيضاً: الأسد يستمر بعبثية اللجنة الدستورية والأجندة الوهمية لهذه الأسباب

هذا وقد سجلت في أمريكا أعلى نسبة إصابات بفايروس كورونا، حتى أن ترمب شخصيًا أصيب بالوباء وأفراد عائلته.

كانت حقبة ترمب من أكثر الفترات الرئاسية التي أثارت جدلًا وإشكالًا على المستوى العالمي في تاريخ الرؤساء الذين تعاقبوا على قيادة أمريكا، وأظن أن الدولة العميقة في أمريكا لن تسمح لظاهرة ترمب أن تتكرر، رغم أنه حاول مرارًا التشكيك في صحة الانتخابات ولجأ للمحكمة الأمريكية العليا، فارتد خائبًا ثم قام خطيبًا في أنصاره في محاولته الأخيرة للبقاء في السلطة، فجمع من مؤيديه عددًا لاقتحام الكونغرس فتدخل عناصر الأمن الداخلي وأخرجوهم منه.

فشل ترمب بكل محاولاته للبقاء في السلطة

حتى ليلة ترمب الأخيرة في البيت الأبيض كانت مثيرة، فلم يحضر مراسم تنصيب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة، بل اكتفى برسالة ألقاها على مكتبه قبل أن يغادره للأبد كتب فيها: “جو، أنت تعلم أنني الفائز”

وأنت عزيزي القارئ، هل تظن أن ترمب هو الفائز، وأن الدولة العميقة في أمريكا سرقت منه فوزه وأهدته لجو “الناعس”؟

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط