الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة بعيون أبنائها

علاء الدين إسماعيل

0 1٬138

سورية جرح مفتوح على اتساعه بعد مرور 10 سنوات من الثورة، سقط أكثر من مليون قتيل وتهجر ما يقارب عشرة ملايين، وتدمَّر ثلث العمران، هل يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر وقعًا من الأرقام؟

 

سورية جرح مفتوح على اتساعه بعد مرور 10 سنوات من الثورة السورية، سقط أكثر من مليون قتيل وتهجر ما يقارب عشرة ملايين، وتدمَّر ثلث العمران، هل يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر وقعًا من الأرقام؟
إذا تركنا الأرقام تتحدث وحدها فلن يجد السوري أمامه فسحة أمل في ظل تخل عربي ودولي عن المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه هذا البلد وأهله، ولكن الثورة لا تقاس بالأرقام لأنها حركة الشعب في التاريخ وهي مستمرة طالما أن الأهداف لم تتحقق.
بات في حكم العادة في كل سنة إجراء جردة للسنوات التي مضت ومحاولة استشراف ما تحمله السنة المقبلة في كل وقفة هناك شعور يخامر السوريين بأن السنة الآتية ربما تكون مختلفة عن بقية السنوات التي انقضت، وعلى أرضية هذا الأمل يبدؤون ببناء أحلام بشأن اقتراب الفرج وخاتمة المأساة التي طالت ولم تتوقف تداعياتها الكارثية إلا أنه في كل سنة تمر ينخفض سقف الطموحات.
والثابت اليوم أنه لم يعد أحد يضع في حسابه نهاية تامة للكارثة وهناك إجماع بين السوريين على أن استعادة سورية كما كانت أمر مستحيل، ولكن هذا لا يمنع من الأمل بنهاية الحروب على الأرض السورية أولاً وبعد ذلك على السوريين انتظار نوافذ أخرى يمكن أن تنفتح على حلول ومهما حصل ليس أمامهم سوى استيعاب الدروس التي تعلموها على دروب النكبة ومن هنا فقط يمكن لهم أن يؤسسوا لمستقبل بلدهم.
استقصت صحيفة حبر عددًا من مواقف بعض الأشخاص خلال سنوات الثورة السورية بتوجيه عدة اسئلة عليهم:
ماهي السلبيات والإيجابيات التي مرت بها الثورة خلال 10 سنوات مضت؟
أجاب العميد أحمد رحال قائلاً: “لا نستطيع نكران أن الثورة السورية بقدر اختلافها عن معظم ثورات الربيع العربي، إلا أنها كانت تتميز في الكثير من الإيجابيات أهم إيجابية فيها هي إصرار هذا الشعب رغم كل الخسائر والدمار والعنف وتجمع كل القتلة والمجرمين وشبيحة النظام على إسكات صوت هذا الشعب، لكن هذا الشعب كانت إرادته أقوى.
وكما يقال بأن العين لا تقاوم المخرز لكن أعيننا قاومت المخرز، رغم تكالب نظام الأسد وشبيحته ومخابراته وجيشه ومن خلفه ميلشيات حزب الله اللبناني وإيران الحشد الشعبي وزينبيون وفاطميون وفاغنر الروسية، ورغم التضييق الكبير على الثورة السورية، ورغم تهجير وقتل أكثر من 14 مليون سوري، بقيت الثورة مستمرة. “
وأضاف: “بالتأكيد خلال 10 سنوات كان هناك سلبيات كثيرة، أهم نقطة فيها هي فشل القيادات العسكرية والسياسية بعد عام 2013 من متابعتها مع الثورة رغم الزخم الداعم للثورة منذ البداية الذي استطاع أن يحقق إنجازات كبيرة ويحاصر النظام داخل المدن ويحاصر الأسد حتى داخل قصره، لكن للأسف الشديد القيادات السياسية والعسكرية منها من أنطوى تحت أجندات خارجية منها من أصبح يبحث عن المنصب والمنافع واستأثروا بالتمثيل العسكري والسياسي، لكن أفعالهم لم تكن لإسقاط النظام أبدًا، فقد ذهبوا بعيدًا مع الأجندات الدولية على مسارات تفاوضية فاشلة ويعلمون بأنها التفاف على ثورة الشعب السوري.
إذا بدأنا بالفشل السياسي فمن غير المعقول أن الائتلاف الوطني ليس له علاقة لا بالوطن ولا بالثورة إلا ما رحم ربي حرصًا على عدم التعميم معظمهم كانوا وافدين من عواصم غربية ومن أجندات مخابراتية وتابعين لدول ومنهم من تابع لنظام الأسد بكل صراحة وشفافية، ووضعوا قسرًا وقهرًا على المشهد السياسي للثورة، وقيل لنا: هؤلاء يمثلون الثورة، وشاهدنا جميعًا حجم التآمر والإحباط والتخاذل الذي أصاب الثورة والشعب إن كان خلال السلال الأربعة أو خلال اجتماعات أستانة أو سوتشي وحتى اللجنة الدستورية والتنازل عن المناطق والصراع بينهم على صنع كتل عسكرية وسياسية بالائتلاف والصراع حول رئاسة الائتلاف والصراع حول اللجان وتغيير النظام الداخلي ليبقى مدة أطول، فهذا كان همهم وشغلهم الشاغل وليس انتصار الثورة السورية.
والأبشع من هذا كله بأنهم يعدُّون أنفسهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، ولا يسمحوا للقوى الثورية والقامات والكوادر الوطنية بأنها تتصدر أو تأخذ مكانها حتى أغلقوا جميع الطرق، وعندما قال كل الائتلاف نحن ضد الذهاب إلى أستانة شاهدنا نصر الحريري وياسر الفرحان في أستانة، وحاليًا عضو بالائتلاف هو رئيس وفد أستانة، عندما قال كل الشعب السوري نحن ضد السلال الأربعة نصر الحريري وقَّع ووافق على السلال الأربعة، لما كل الشعب السوري رفض مسار سوتشي وجدنا العميد أحمد بري والدكتور أحمد طعمة يذهبون إلى سوتشي خدمة للأجندة الروسية والالتفاف على القرار ٢٢٥٤ ضاربًا بعرض الحائط على مطالب الشعب السوري، وبالتالي هذا هو المشهد السياسي الذي خزل الشعب السوري وثورته.
أما عسكريًا ففي عام 2012 كان هناك زخم للثورة السورية وتحققت انتصارات كبيرة وصلت لتحرير مساحة 68 بالمائة من مساحة سورية، وجدنا عملية التفاف من داخل أحزاب موجودة بالائتلاف سيطروا على مفاصل الثورة السورية بمساعدة من قيادات سياسية وعسكرية بتواطؤ مع دول عربية ووضعوا أشخاصًا جهلاء أبعدوا ما يقارب 6 آلاف ضابط يملكون الحرفة والخبرة والمعرفة والقدرة والوطنية والقرار والإرادة أبعدوهم كي لا يسقط الأسد. “
فيما قال (عبد الكريم العمر) الناشط والصحفي: “بالنسبة إلى موضوع السلبيات والإيجابيات خلال ١٠ سنوات من عمر الثورة الإيجابيات الأولى أولاً هذا الشعب الذي أمضى 40 عامًا تحت حكم الاستبداد والحزب الواحد والعائلة والمافيات المكونة من بيت الأسد ومخلوف وشاليش استطاع هذا الشعب من كسر حاجز الخوف والانطلاق بثورة قدم فيها الغالي والرخيص وقدم فيها كل ما يملك من أجل بلوغ أهدافه بالحرية والكرامة ودولة يسود فيها العدل والقانون والمساواة.”
وتابع: “كشفت الثورة زيف المجتمع الدولي والدول التي تتحدث عن حقوق الإنسان والقيم والديمقراطية أنها شعارات مهترئة كشفت هذه الثورة على أن ما كان يتحدث به النظام السوري وشبيحته على زيف ادعائهم بأنهم مقاومة ضد إسرائيل، بل العكس أثبتت الثورة أنهم أكثر المدعومين من قبل إسرائيل لأنهم مازالوا موجودين رغم سقوط أنظمة عديدة في ثورات الربيع العربي.
أما السلبيات فكثيرة، رغم مضي 10 سنوات من الثورة لم يستطع الثوار لا العسكر ولا السياسيون استطاعوا أن يوجدوا تجمعًا وطنيًا واحدًا أو مشروعًا وطنيًا كي يأسسوا لسورية المستقبل، واقتصرت تصرفاتهم على صراعات بين تيارات مختلفة عسكرية وسياسية ومنصات والاختلاف على المناصب والكراسي الذي كان نذير شؤم للسوريين، وكان عامل يأس وإحباط وبأنهم لم يكونوا على قدر الألم والمعاناة التي عاناها شعبنا خلال الثورة ولم تستطع القوى التي قادت أو تشكلت فيما بعد الثورة إثبات وجودها على الأرض.”
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
(حلا إبراهيم) حقوقية وناشطة من مدينة حلب أوضحت أن “سلبيات الثورة السورية من أهمها أنها كشفت التفكك في المجتمع السوري تمثل هذا في إظهار عمق الحقد والغل الذي تكنه الأقليات للأكثرية السنية وسقوط قناع اللحمة الوطنية والنسيج الوطني وتفكك المجتمع ظهر حين تشظت المعارضة الخارجية إلى مئات الأيديولوجيات والعقائد والأفكار، والكل لا يقبل إلا بمنصب الزعيم، فبين كل عشرة سوريين يوجد محلل ومنظر وقائد وإذا أردنا الحديث عن الفساد الذي كان بعضهم يتهم النظام بأنه راعيها وحاميها فقد كشفت الثورة أن الفساد متغلل في تجار الحروب والدم وهمهم الوحيد الارتزاق والمناصب إلا من رحم ربي.
أما أجمل ما في الثورة هي شعاراتها الهادفة للحرية ومن أروع الإيجابيات التلاحم الإنساني الذي لمسناه عند الغالبية وعاد السوريين رغم بؤسهم وتشردهم لدورهم الحضاري بعد أن أوصد عليهم الباب لأكثر من نصف قرن إن روح الحرية والكرامة لم نكن لنتذوق هذه المعاني لولا ثورتنا المباركة كم تعلمنا من معاني الإباء والعز وإدخال أشعة الشمس إلى كل زوايا الوطن لكن النباتات الجميلة تحتاج الوقت وأثمارها يحتاج لوقت اطول. “
(عبد الحميد اليوسف) من مدينة خان شيخون الذي فقد عائلته بمجزرة الكيماوي عام 2017 قال: “من إيجابيات الثورة والتي لا يمكن حصرها ببند أو فقرة هي حصول الناس على الحرية التي تعدُّ أغلى ما يملك الإنسان، فمنذ وصول حزب البعث بقيادة الدكتاتور حافظ الأسد للسلطة عمل على مصادرة قرار الشعب وإعلان الأحكام العرفية وإحكام القبضة الأمنية، حتى إنه ورَّث الحكم لأبنه بشار الذي سار على نهج أبيه، إلا أن ثار الشعب وحصل على حريته وبدأها بالمطالبة بحقوقه، وأيضًا من إيجابيات هذه الثورة تعرية النظام وكشف اختلاسه لمقدرات الدولة.
الثورة لا سلبيات لها وإن كانت كلفتها عالية، فالثورة قضية محقة وخاصة عندما يكون النظام مثل نظام بشار الأسد مجرم وقاتل ومختلس ودكتاتور، فكيف تجتمع بالثورة الإيجابية والسلبية إذا كان هدفها إسقاط نظام مستبد مجرم؟!
الثورة هي التخلص من السلبيات التي أحدثها النظام المجرم لصالح إيجابيات يحدثها الشعب بقراره الثورة على نظام مجرم.”

(رضوان الأطرش) الرئيس السابق للهيئة السياسية في محافظة إدلب تحدث قائلاً:

“إن استمرار الثورة حتى هذه اللحظة هو أكبر انتصار وإيجابية رغم كل القتل والدمار والتهجير وتآمر المجتمع الدولي عليها.
أما السلبيات التي مرت بها الثورة فهي حتى هذه اللحظة لا يوجد لها تمثيل رسمي وهناك صراعات كبيرة جدًا بين الأجسام السياسية وهناك هوة واسعة بين الداخل والخارج فعندما يكون هناك للثورة جسم واحد وعقل واحد وتناغم البندقية مع الكلمة نكون قد وصلنا إلى أكبر إيجابية.
ما هو تقييمك للواقع المعاشي والاقتصادي في المناطق المحررة مقارنة بمناطق النظام؟
تحدث العميد رحال: “يعيش السوريون في المناطق المحررة والمخيمات وضعًا مأساويًا وقاتمًا ومدمرًا لأهلنا، وهذا يساهم في ثلاثة عوامل:
-أولاً الإجرام الروسي والإيراني والأسدي من خلال القتل والتدمير للبنى التحتية والمشافي والأفران والمدارس.
-ثانياً هو سوء أداء المعارضة السورية التي لا تجرؤ على رفع صوتها أو الحديث باسم هؤلاء الناس وأكتفوا فقط بمناصبهم.
-ثالثاً المجتمع الدولي الذي بدأ بمعالجة الآثار ونسي معالجة المشكلة الأساسية، أي بدلاً من تأمين مساعدات للمهجرين عليه إيقاف القاتل عن القتل والتدمير والتهجير.”
بدورها الحقوقية حلا إبراهيم قالت: “المقارنة وإجراء المفاضلات بين أولاد البلد الواحد أمر مؤلم وجارح وهاهم الشعب في مناطق سيطرة النظام يعانون الأمرين بسبب الانهيار الاقتصادي وانخفاض سعر الليرة السورية، حتى أصبح النظام لا يستطيع تأمين المواد الأساسية للمواطن حيث لا خبز ولا كرامة.
أما المناطق السورية المحررة فقد نعاني من قلة فرص العمل، لكن عدم تعاملنا بالليرة السورية خفف من الانهيار الحاصل بمناطق النظام، حيث تتوفر كافة المواد الأساسية من خبز وغاز ومحروقات ومعابر، وهنا وضع معيشي أفضل بكثير من مناطق النظام. “
في حين قال الأطرش: “في الحقيقة هذا موضوع له أبعاد سياسية كثيرة، فملف قيصر أثر كثيرًا على مناطق سيطرة النظام، فهناك ضائقة اقتصادية وطوابير الخبز والمحروقات وسوء معيشة مقارنة بالمناطق المحررة، فهذا الشيء لم نشاهده أبدًا، فالوضع المعيشي أفضل بعض الشيء وعلينا العمل على ديمومة هذا الوضع وأن نبحث على واقع اقتصادي مستدام. “
(عبد الحميد اليوسف) تحدث بشكل مختلف فقال: “الواقع المعيشي بالمحرر سيئ للغاية ومضغوط بقوة خاصة انعدام فرص العمل، ومن يعمل لا يستطيع أن يأمن أبسط متطلبات الحياة وهو يتساوى مع مناطق النظام من حيث عدم قدرة الفرد على تأمين قوت يومه أو تأمين ما يلزم لأهل بيته.”
أما الناشط العمر فتحدث: “بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي في المناطق المحررة لا شك أن هناك غلاءً بالمواد الاستهلاكية بما فيها الخبز والمازوت، لكنها متوفرة بكميات كبيرة مقارنة بمناطق النظام في المناطق المحررة لا يقف الناس على طوابير من أجل الحصول على جرة غاز أو ربطة خبز على الإطلاق، كل شيء متوفر وبكثرة، صحيح أن سعرها مرتفع لكن بسبب ارتفاع سعر تصريف الدولار مقابل الليرة التركية والسورية.
أيضًا هنا في المناطق المحررة لا توجد مشاريع اقتصادية والدعم الدولي بسيط جدًا سوى عن تقديم مساعدات تتضمن بطانيات وعلب تمر، والشعب السوري لم يخرج بثورته من أجل سلل غذائية بل خرج من أجل الحرية والكرامة والعدالة وما يزال ينادي بها.
المناطق المحررة بحاجة مشاريع اقتصادية وتنموية لتحقيق اكتفاء ذاتي وتخفيف الأعباء على جميع الدول.”
ما هو رأيك بالتدخل التركي خلال الأعوام الثلاثة الماضية في شمال غرب سورية؟
أشار العميد رحال: “بالنسبة إلى التدخل التركي فهناك أخطاء وسلبيات، إذ لم يبقَ أحد مع الثورة السورية، وبالتالي علينا البحث عن حليف والأتراك هم حلفاؤنا الوحيدين الآن من الناحية العسكرية، وكنت أتمنى أن يكون التعاون مع الجانب التركي من خلال تقاطع المصالح وليس من خلال الانقياد الأعمى، وكنت أتمنى أن يكون القرار بيدنا لكن الآن القرار تركي بامتياز سياسيًا وعسكريًا، وبالتالي التدخل التركي قدم إفادات كبيرة ولولا الوجود التركي لما بقيت إدلب حتى هذه اللحظة بظل الوجود العسكري الهش للفصائل، وللأسف أصبحنا بقضيتنا مثل الضيوف وبكل موضوعية نحن السبب في الموضوع وليس الأتراك.”
في سياق متصل قال العمر: “ربما علينا أن نقول إن الموقف العربي من سورية ونلاحظ بعض الدول العربية تتهجم على الموقف التركي في سورية وتدخلها فعندما غاب العرب عن موقعهم وعن ممارسة دورهم في سورية كان يجب أن تتدخل تركيا بسبب تغافل العرب عن أداء دورهم في حماية سورية من ميلشيات إيران الأمر الذي أدى إلى احتلال إيران لأربع عواصم عربية من بينها دمشق، فكان للدور التركي تقدم على مواقف كثير من الدول العربية، فتركيا اليوم هي النافذة الوحيدة التي بقيت متاحة أمام الشعب السوري هي الدولة الوحيدة التي تقدم ما أمكن من الدعم وتساند أيضًا الفصائل العسكرية، ولولا تركيا لكان حصل في الشمال السوري كما حصل لقطاع غزة الحصار والتجويع من خلال حصار اقتصادي ومنع دخول المساعدات بل طموحنا أكبر من ذلك لكن الأمر يتعلق بالتشابك الدولي المعقد تجاه القضية السورية بحد ذاتها.
كنا نتمنى من تركيا الوقوف بوجه النظام وروسيا وإيران ومنعهم من احتلال ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي والشرقي وحتى ريف حلب الغربي، لكن تركيا لها مصالحها وعلاقاتها وبأنها ليست فصيلاً عسكريًا ثوريًا وليست هي المعارضة السياسية، فما قدمته تركيا مشكورة عليه ولو لم تتدخل لكان الوضع كارثيًا لكنا نبحث الآن عن متر واحد على الحدود لننصب خيمة فيه ونبحث عن نقطة ماء وعن سلة غذاء ورغيف خبز لكن بفضل الوجود التركي منع حصول كارثة إنسانية كبيرة جدًا.”
ونوه (رضوان الأطرش) إلى حقيقة “وضع الأتراك نصب أعينهم عدم قيام أي كانتون كردي في مناطق الشمال السوري ووضعوا محاربة الإرهاب المتمثل بحزب العمال الكردستاني وتفرعاته، أما في منطقة إدلب فهناك استياء شعبي حيث كنا نظن بأننا سوف نبقى مستمرين في مناطقنا، وهذا الاستمرار جاء نتيجة وضع نقاط تركية، لكن ما لبثت أن انسحبت بعد سيطرة النظام السوري وحلفاؤه على ريف إدلب الجنوبي والشرقي وبات حلم العودة صعب جدًا يحتاج بندقية من جديد، ويمكننا أن نقول بأن التدخل التركي حقق أهدافًا إيجابية في بعض المناطق وأهدافًا سلبية في مناطق أخرى. “
فيما أبدي (عبد الحميد اليوسف) رأيه بالتدخل التركي قائلاً: “التدخل التركي المرحب به من قبل الشعب كان مع الأسف بدون جدوى، فلم يستطيع وقف تقدم النظام بجنوب إدلب، لكنه كان إيجابيًا من حيث تخفيف همجية النظام وداعميه بالقتل وارتكاب المجازر، وتركيا تدخلت لحماية أمنها القومي وهذا حق مشروع، ونحن نرى أن انتصار الثورة هو تأمين للأمن القومي لتركيا.”
(حلا إبراهيم) ربطت التدخل التركي بعامل التدخلات الأخرى: “لا يمكن الكلام عن التدخل بشكل معزول، ولنتذكر جيدًا أن التدخل الإيراني بأدواته الرسمية وميلشياته ذات البعد الطائفي، بدأ باكرًا ولم يعد سرًا أن الإيرانيين هم أيضًا من أقنع الروس بالتدخل في عام 2015، كما أن التدخل الدولي لمحاربة داعش من قبل الولايات المتحدة والتدخل الاسرائيلي الدوري جوًا، هناك 5 جيوش في سورية، وآخرها تدخل الجيش التركي الذي تدخل لحماية المدنيين اللذين التصقت خيامهم بحدود الدولة التركية ولمنع إنشاء أي كيان انفصالي معادي يزعزع الأمن القومي للمنطقة، وباختصار غريزة البقاء والوجود هي أمر لا يناقش سياسيًا.”
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

ما هو موقفك من القضية الكردية؟

سرد العميد رحال قصة الأكراد وباقي مكونات الشعب السوري قائلاً:
“الأكراد عانوا كثيرًا بظل نظام الأسد، إنما وجهوا محاسبتهم لنا نحن، ونسوا من ظلمهم وتناسوا بأننا نحن وهم لدينا عدو مسترك وهو نظام الأسد، نحن مع كل الحقوق الكردية إنما تحت سقف الوطن ووحدة سورية، وأنا لا أقبل أن أربط قضيتي بالقضية الكردية العامة التي تريد مناقشة وضع الأكراد في تركيا والعراق وإيران، نحن ليس لدينا علاقة بهذه القضية وأنا أرفض ربط القضية الكردية بقضية BKK لماذا ترفعون صور عبد الله أوجلان في الرقة فهو مواطن تركي وليس سوري؟! نحن مع القضية الكردية ضمن إطار المواطنة السورية وسقف الوطن السوري وليس لإنشاء كانتون منفصل عن سورية نحن معهم ضمن الحل الشامل في سورية.”
أما (عبد الكريم العمر) فقد قال: “الكرد بالنسبة إلى سورية جزء أساسي ومكون رئيس من مكونات الشعب السوري، وهم شاركوا بالثورة السورية منذ البدايات وجميعنا يتذكر الشهيد مشعل التمو وهو مشعل الثورة السورية الذي قاد المظاهرات والحراك السلمي في القامشلي عاصمة الشمال الشرقي، وله مكانته بين الأكراد، حيث خرج الجميع في المناطق الكردية من عامودا إلى عين العرب كوباني إلى عفرين منادين بإسقاط النظام بجميع رموزه وأركانه.
وهنا أتحدث عن الأخوة الأكراد بغض النظر أو بعيدًا عن موضوع قسد أو الأحزاب الانفصالية، هؤلاء أساسًا لا يمتون ولا ينتمون لثورة الشعب السوري وليس لهم علاقة بسورية هؤلاء جاؤوا من جبال قنديل وحزب العمال الكردستاني، حتى أن كثيرًا من الأكراد هرب إلى تركيا أو أوروبا من المعاملة القاسية والسيئة التي عاملتهم بها قسد من خلال التجنيد الإجباري وتجنيد القاصرين والقاصرات على حمل السلاح وأيضًا هناك العديد من الصحفيين والكتاب الأكراد المعارضين للنظام وقسد ويقيمون في أربيل وتركيا وأوروبا.”
الحقوقية إبراهيم قالت أيضًا: “القضية الكردية مصطلح مختلف فيه فسورية الجميلة مكونة من طيف واسع من الأعراق والطوائف وهذا جعل سورية عبر التاريخ تحمل آمال وبصمات كل الحضارات التي تعاقبت عليها، وهنا لابد من عدم التفكير بالمكون الكردي السوري بعيدًا عن المشروع الوطني السوري بمكوناته الأساسية نحن لسنا ضد الشعب الكردي نحن ضد الحركات الانفصالية مثل قوات سورية الديمقراطية (قسد).”

ثلاث سنوات مضت على تشكيل اللجنة الدستورية ما رأيك بها وبأدائها؟ وهل أنت مع استمراريتها أو توقفها؟

العميد احمد رحال شرح الموقف منها قائلاً: “اللجنة الدستورية بالأساس هي باطلة، فهي أنشأت من خلال السلال الأربعة، حيث تم القفز وتجاوز سلة الحكم الانتقالي والذهاب لمناقشة موضوع الدستور التي لن تؤدي إلى نتيجة وهدفها المماطلة وكسب الوقت ورغم الإصرار بعد سنة ونصف على جلسات متتالية لم يستطيعوا الاتفاق على شيء أو حتى جدول أعمال، لماذا إذًا مستمرون بها؟ أنتم تمنحون النظام فرصًا أمام المجتمع الدولي بأن هناك مفاوضات لكي يستمر أكثر وأكثر من قتل وتشريد الشعب السوري، وأنا بعد ثلاث سنوات ضد اللجنة الدستورية لأنها مضيعة للوقت.”
(رضوان الأطرش) كان متوافقًا أيضًا حيث قال: “في الحقيقة ملف اللجنة الدستورية جاء بناء على رغبة روسية كما سبقه ملف أستانة وسوتشي، ولكن هذا الملف ضمن تراتبية سياسية من خلال بيان جنيف والتي طغت على سلة هيئة الحكم الانتقالي ورغم جميع جولاتها، لكنها لم تحقق أي شيء للشعب السوري أبدًا، وكانت عبارة عن منفذ أو منقذ لنظام الأسد وحتى هذه اللحظة النظام لم يتجاوب مع هذا الملف ولن يتجاوب وسوف يماطل أكبر وقت ممكن من الزمن حتى يصل إلى انتخابات ويقول هناك تعثر في ملف الدستور وسوف يقوم بإجراء انتخابات بناءً على دستور 2012 وهذا هو المتوقع حيث طالبنا مرارًا وتكرارًا بتوقف هذا الملف ولكن عبثًا.”
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
عبد الكريم العمر بدوره قال: “تشكيل اللجنة الدستورية أخذ مجرد التشكيل والاتفاق بين القوى المتحكمة والموجودة أخذ أكثر من سنة ونصف ومن المستحيل إيجاد صيغة توافق ترضي جميع الأطراف من خلال اللجنة الدستورية؛ لأنهم يدورون في حلقة مفرغة تمامًا، فالنظام السوري حتى في هذا الموضوع لن يقدم شيئًا لا من خلال اللجنة الدستورية ولا حتى بيان جنيف والقرار الدولي ٢٢٥٤ والقرار ٢١١٨، وكل القرارات الدولية التي صدرت من مجلس الأمن الدولي الخاصة بالقضية السورية لم ينفذها النظام السوري بتاتًا، فكيف له أن يتنازل في موضوع الدستور وهذا أمر غير وارد على الإطلاق حتى بات موضوعًا مضيعة للوقت على حساب الدم السوري .”
(عبد الحميد اليوسف) حدد الموقف منها بالقول: “اللجنة الدستورية ساوت بين الجلاد والضحية، فكيف لمن قتل وشرد وهجر وظلم الشعب أن يشارك بكتابة دستور بدلاً أن يحاكم على إجرامه واللجنة كانت وما زالت تضيع الوقت لمصلحة إطالة عمر النظام وأيضًا حرف الثورة عن مسارها، فالشعب لم يثور كي يكتب دستورًا، بل من أجل إسقاط نظام مجرم. “
الحقوقية (حلا إبراهيم) أوضحت موقفها بالقول: “أنا ضد استمرار اللجنة الدستورية لأن المشاركة في اللجنة الدستورية على أمل أن تكون مدخلاً لتفعيل الحل السياسي وتطبيق القرارات الأممية 2254 وبيان جنيف بتشكيل هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات، فإن عدم جدية القوى الإقليمية والدولية التي تخشى حدوث تغيرات جذرية لا تخدم مصالحها الحيوية بالمنطقة وتأخير الحل السياسي في سورية. “

ما هي رؤيتك أو نظرتك لدستور سورية المستقبلي؟

فقال العميد المنشق أحمد رحال: “أنا ما يهمني الجيش وليس الدستور، فأنا أترك المجال لأهل الدستور والقانونيين، ما يهمني أن يكون الجيش تحت الدستور وتحت مراقبة الدستور، وأن تكون مهمته حماية الحدود وحماية الدستور والحياة السياسية، وألا يكون متحزب لأي طرف وألا يتدخل في الحياة السياسية. “
السياسي (رضوان الأطرش) قال: “قبل أن نقول ما هي رؤيتنا بالدستور السوري الجديد يجب أن نقول ماهي رؤيتنا لسورية القادمة؛ لأن الدستور جزء وليس كل، نحن نطمح لسورية حرة ديمقراطية فيها مساواة بين جميع مكونات الشعب السوري في الحقوق والواجبات ونريد للدستور الجديد أن يكون دستورًا عصريًا متقدمًا، وأن يخدم تطلعات الشعب السوري ككل، وأن يطبق هذا الدستور ولا يكون فقط عبارة عن أوراق موضوعة في سلال النظام القادم.”
الناشط عبد الكريم العمر قال أيضًا: “باعتقادي يمكن تطبيق دستور عام 1950، فهذا الدستور هو واحة للديمقراطية والحريات على مستوى منطقة الشرق الأوسط بالكامل، فيمكن اختياره دستورًا خلال المرحلة الانتقالية ريثما تجتمع أو تتشكل جمعية أو لجان تأسيسية لمناقشة وإقرار دستور جديد للبلاد.”
(عبد الحميد اليوسف) طالب بأن يكون بدستور حضاري يتماشى مع متطلبات العصر ويجاري قيام الدولة الحديثة ويكون الشرع هو مصدر التشريع.
وأخيرًا طالبت الحقوقية إبراهيم: “أولاً عدم تغير اسم الدولة لتبقى الجمهورية العربية السورية، وعدم إسقاط كلمة عربية وعدم إسقاط بند الديانة الإسلام، وأن تحفظ حقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.”
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط