درعا إلى الواجهة من جديد

0 604

حقق الأسد نجاحًا في مسرحية الانتخابات التي كشفت حجم الاستبداد ومدى الديكتاتورية في مشاهد عملياتها التحضيرية وعند إطلاقها ونتائجها، حيث لم تحابِ المنطق والعدالة في أي صورة من صورها باستثناء تلك الجموع التي واكبت مهزلة الانتخابات في مناطق سيطرة النظام السوري، بمظاهرات احتجاج ضد الأسد وانتخاباته في درعا التي تشهد بشكل شبه يومي عمليات أمنية ضد ميلشيا الأسد.

هذه المظاهرات لها من الرسائل ما هو أكبر من تلك التي خرجت ضد نظام الأسد في دول الاغتراب وفي المناطق الخارجة عن سيطرته، لا سيما أن وتيرة استهداف رموز وقادات الميلشيات ازدادت بصورة مضاعفة خلال هذا الشهر مقارنة بالأشهر السابقة.

اقرأ أيضاً: انتخابات الرئاسية السّوريّة بلغة الأرقام والجغرافيا

ولعل الرسالة الأولى لهذه المظاهرات هي تأكيد رفضها بقاء الأسد في السلطة ولاية جديدة من مناطق يفترض أنها في قبضة المخابرات والمرتزقة الإيرانيين، في وقت كان النظام السوري يحشد كل إمكانياته للاستثمار الانتخابي في كوادر الدولة ومؤسساتها من موظفين وطلاب وعمال وغيرهم بالطرق التي يعرفها معظم السوريين الذين واكبوا فترات انتخاب سابقة.

ومن جهة أخرى بات لدى روسيا والنظام السوري رؤية كاملة عن سيناريو المصالحة، وماذا يمكن أن ينتج عنه سياسيًا وأمنيًا، فحالة المناهضة عادت من جديد للتوسع في محافظات الجنوب كافة، حيث شهدت السويداء شبه مقاطعة للمسرحية الانتخابية، واستبقها قيام النظام السوري بترحيل العشرات من إحدى قرى القنيطرة، بالإضافة إلى العديد من التفجيرات التي تعصف بالنقاط الأمنية الموالية للنظام السوري.

إن حالة الاستقطاب بين القوى الموالية للنظام السوري في مناطق الجنوب السوري تخلق بيئة تُوجب على المعارضة السورية الاستثمار بها مجددًا بكل الإمكانات، وعدم ترك تلك الشرائح والتجمعات تواجه مصيرها لوحدها، والعمل على ذلك في مناطق جغرافية أخرى لاتزال تدافع عن وجودها وقضيتها.

على المعارضة أن نخطو باتجاه اتباع أسلوب يعقِّد عمل النظام في مناطق سيطرته من خلال تبني ودعم كل ما من يواجه النظام السوري، تمامًا كما تدخَّل الأسد في جسد المعارضة بكيانات موازية أو موالية له تحت مسمى المعارضة الداخلية.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

فالبقاء في حالة احتدام ومواجهة سياسية وعسكرية مباشرة مع النظام السوري وحلفائه لم يحقق لنا جولة نصر واحدة بشكل حقيقي، بينما نهدر الفرص في ظروف وأوقات قد تمكننا من إحداث فرق في مواجهة النظام من خلال إعادة فتح المجال لنشاط قوى المعارضة داخل مناطق سيطرة الأسد.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط