لماذا تصعّد إيران ضد تركيا؟

غسان الجمعة

0 2٬004

تعرضت قاعدة بعشيقة التركية شمال الموصل في العراق إلى رشقات صاروخية على غرار تلك التي تستهدف بها أذرع أيران القواعد الأمريكية.

وقد تبع ذلك تصريحات في بيان نُسب إلى حزب الله العراقي هدد فيه الوجود التركي بعبارة: (قادرون على تمريغ أنوفكم) بعدما نفذ الجيش التركي عملية (نسر الشتاء) على المواقع الإرهابية لميليشيات قنديل في كل من شمال سورية والعراق.

الرئيس البيلاروسي يعلق حول حقيقة عزم بلاده إرسال قوات عسكرية إلى سورية

بدورها قطعت إيران إمدادات الغاز في ذروة العاصفة الثلجية عن تركيا ما تسبب بحرج كبير للحكومة التركية على الصعيد الداخلي وتذرعت إيران بعطل فني أنكره المسؤولون الأتراك جملة وتفصيلاً.

هذه الإشارات على صعيد العلاقات بين أنقرة وطهران تنحو بالعلاقة بين الطرفين إلى مستوى جديد على الصعيد الدولي فهو يُظهر سلوكاً إيرانياً مغايراً عما اعتادت عليه في التعامل مع أنقرة وذلك لأسباب عديدة في مقدمتها الانفراج في العلاقات التركية الخليجية والزيارات الرسمية المرتقبة بين الجانبين.

ولهذا التقارب معنى كبير في عمقه الجيوسياسي ولا سيما في حال ترسيخ العلاقات السعودية- التركية بعدد من الاتفاقيات ذات البعد الإقليمي والدولي في زيارة الرئيس التركي المرتقبة إلى المملكة.

لمتابعة كل جديد تابعنا على فيس بوك 

ولا يختلف الموقف كثيراً عن سابقه في آسيا الوسطى حيث تقود أنقرة الدول ذات الأصول التركية تحت مظلة البيت التركي بل إن تركيا بعد مساعدتها أذربيجان في حرب كرباخ بعثت الآمال في ذاكرة شعوب تلك الدول وما يجمعها من روابط الثقافة والتاريخ والتحديات المستقبلية.

وفي السياق كشفت صحيفة فزغلياد الروسية أن الرئيس الإيراني لم يزر روسيا بداية هذا العام لأغراض تجارية كما روجت إيران إنما حاول رئيسي إقناع بوتين بالعمل معاً ضد تركيا خاصة جنوب القوقاز.

هذا الدور التركي المنافس للنفوذ الإيراني في منطقتي الخليج واسيا الوسطى وتوجه أنقرة في اعتمادها على الغاز الأذري بعد قطعه من إيران ما هو إلا تبادل رسائل سياسية بين الطرفين اللذين يحرصان على ألا يأخذ تنافسهما وصراعهما بعداً صدامياً في مواجهة مباشرة حالياً.

ومن جانب آخر تريد طهران عبر تحريض وكلائها في العراق ضد تركيا تذكير أنقرة بالدور الإيراني في كل من العراق وسورية التي نفذت على أراضيهما عملية ” نسر الشتاء” حيث تحاول أنقرة تحييد أو تجاهل الدور الإيراني في العراق من بوابة أربيل في كردستان العراق بعيداً عن الحكومة الاتحادية في العراق والتي تهيمن عليها إيران وكذلك الأمر في سورية حيث تقوم أنقرة بالتفاهم في معظم الأحيان مع روسيا بشكل مباشر بعيداً عن الخط الإيراني.

ولعل اقتراب طهران يوماً بعد يوم من إبرام اتفاقها النووي مع الغرب وهو ما يعني تعزيز وجودها في الدول العربية وتنصيبها شرطياً للمنطقة يعد سبباً إضافياً لرغبتها بالضغط على تركيا ولذلك فإن بث رسائلها في هذا الوقت تلميح لقدرتها على التنفس خارج الرئة التركية التي اعتمدت عليها في تصدير الغاز خلال فترة العقوبات.

العلاقة التركية الإيرانية مبنية على التنافس بقدر ما هي مبنية على تبادل المصالح ولكن حدود التاريخ والجغرافيا والبعد المذهبي الذي يلعبه الجانبان يجعلهما على طرفي نقيض ولم تكن يوماً قدرة أحدهما على السيطرة والتمدد إلا على حساب ضعف وعجز الٱخر.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط