نجا من مات ومات من نجا.. ما مدى تأثير الزلزال على السوريين؟

بقلم: مرح جاويش

2٬622

في فجر الاثنين بتمام الساعة الرابعة والعشرين دقيقة وبدون سابق إنذار، اهتزّت الأرض تحت أقدامنا بظلام يسود على وجوه باردة لتهزّ فينا ذكريات 12 عامًا مضوا تحت ركام الخوف وأنقاض الرعب.

ولم يكن ذلك غريبًا جدًا على الشعب السوري تحديدًا، بل أضاف بندًا جديدًا على قائمة أسباب الموت، بعد الطرق الكثيرة التي ضمّت الغرق والحرق والتعذيب وغيرهم أيضًا، ألم تسمعوا بأن الأسباب تتعدد والموت واحد!

كيف كان حال السوريين في تركيا؟

الزلزال لم يفرق بين الأعراق والطوائف، ولكن بالنسبة للسورين فهم كانوا معتادين على القصف والخوف، أما هذه المرّة فكانت مرارة الرعب شديدة عليهم لأن الأمر ليس بيد البشر حتمًا.

بعد انتهاء الهزة الأولى التي تمركزت في كهرمان مرعش وكانت شدّتها 7.8 على مقياس ريختر، بدأ الجميع ومنهم السوريون بالخروج من منازلهم ليدخلوا إلى مرحلة جديدة من التشرّد وليس النزوح.

انتظر أغلب الناس ساعات طويلة خارج المنازل ومنهم من أوقد النار في الشارع ليحتموا بدفئها من شدة البرد والثلج والمطر.

وبعد استمرار الهزات الأرضية أيقنوا أن الوضع لن يهدأ بيوم أو يومين لأن انتهاء الهزات أمر لا يمكن معرفته لا بعلم ولا بنبأ.

وبدأت حينها إدارة الطوارئ والكوارث التركية أفاد بنصب أكثر من 50,818 خيمة في مراكز الإيواء والملاعب والحدائق والأماكن البعيدة عن الأبنية لتفادي خطر هبوطها.

وكان يوجد قسم آخر في الولايات العشر قد فرّوا من الأبنية إلى المعامل في المناطق الصناعية باعتبارها أقل خطرًا من الأبنية متعددة الطوابق.

إلى ذلك، قالت المهندسة هند قره خالد القاطنة في ولاية غازي عنتاب لحبر: “صحوت على صوت إنذار من هاتفي النقّال، ولكنني لم أنظر له، بحيث كان الإنذار الذي وصلني يحتوي على رصد زلزال مدمر قريب الحدوث في المنطقة”.

وأكملت خالد، نظرت إلى نافذتي وشعرت بشيء غريب فعلًا، سرعان ما بدأ البناء بأكمله بالاهتزاز العنيف ركضت نحو عامود الغرفة وسندت جسدي عليه لعدم قدرتي على التوازن والحركة.

وأشارت إلى أنها تقطن في الطابق الرابع بسكن خاص للسيدات، وحينما هدأ الزلزال هرعت خارجة من المبنى لترى بين عيون الناس رعبًا وخوفًا لم تره من قبل.

ومن الناحية العلمية أوضحت لحبر أن غالبًا البناء الخرساني المسلّح يجب أن يتكون من عناصر أفقية (بلاطات) وعناصر رأسية (أعمدة) جميعها مستندة على القواعد المستندة مباشرة على الأرض، وتسمى هذه بالإطارات الخرسانية المسلّحة التي تساهم في مقاومة قوى الزلزال.

ونوّهت أنه عندما تتجمع القوى الزلزالية إلى الأسفل من أعلى البناء فإن العناصر الرأسية في الطوابق السفلية تتعرض إلى أعلى قوة زلزالية، لذلك من المفترض تصميمها بشكل يتحمّل قوة العناصر العلوية.

وتماسك الشعب من جديد وبدأ الشبان بتكوين فرق مساعدات منهم من تخصص بالترجمة وآخرون بالإنقاذ من تحت الأنقاض وغيرهم بتأمين احتياجات الناس كالطعام والشراب والتدفئة.

وذلك بعد تسبب الزلزال بانقطاع المياه وتدفئة الغاز الطبيعي، علاوةً على إغلاق المحال التجارية والأفران.

باحث: أضرار زلزال تركيا وسوريا بمساحة دولة بكاملها

وكان مشهد سيارات الإسعاف المحمّلة بجثث الشهداء السوريين مرعباً، خصوصًا بعد مطالبة الأتراك بترحيلهم إلى سوريا خلال السنين الفائتة، عادوا اليوم محمّلين بأوراق الترحيل إلى قبورهم.

ما الذي حصل بسوريا؟

يجب أن لا نغفل أن سوريا أصبحت مرهقة، بعد سنين الحرب الطويلة التي جعلتها مسنّة حقًا ولا تحمل نفسًا في صدرها.

بحيث امتد تأثير الزلزال المدمر إلى سوريا وخلّف أضرارًا شنيعة، بحكم أن البنى التحتية في سوريا مستنزفة بشدة، وذلك تزامنًا مع النقص الشديد في المستلزمات الطبية ومراكز الإيواء.

ومع استمرار تلاشي غبار الحادثة بدأت آمال وجود أحياء تحت الأنقاض تتضاءل لدى الخوذ البيضاء، في ظل عدم توفر آليات كبيرة ووسائل تقنية حديثة للمساعدة في البحث عن ناجين.

وأشارت لجنة الإغاثة العليا في سوريا أن الدولة ليست مهيأة لمثل هذه الكوارث، فضلًا عن عدم وجود معدات كافية لإزالة ما خلّفه الزلزال من أضرارِ بشرية ومادية.

من جانبه، أوضح الدفاع المدني السوري أنهم لن يتوقفوا عن البحث على أحياء تحت الأنقاض في ظل أن ذلك أصبح صعبًا.

ولفت إلى عدم دخول أي فريق دولي للشمال السوري، باستثناء المتطوعين من دون المعدات ذات الفعالية.

الاضرار التي خلّفها الزلزال

أودى الزلزال الذي تمركز في ولاية كهرمان مرعش جنوب تركيا بحياة أكثر من 22 ألف شخصًا توّزعوا في المحافظات الـ 10 المنكوبة، علاوة على تخليف عشرات الآلاف من الجرحى.

وما زالت المباني مستمرة في الهبوط بسبب الخلل في اساساتها التي خلّفها الزلزال الأول يوم الاثنين الفائت.

ومن الناحية المادية فإنه تسبب في خسائر فادحة قّدرت تكلفتها بالمليارات، تزامنًا مع متطلبات إعادة إعمار البنية التحتية وتعويض اللاجئين.

وفي أرقام معينة، قال خبير الزلازل التركي أوفجون أحمد أركان: إن تكلفة الزلزال تراوحت ما بين 35 و50 مليار دولار أمريكي.

علاوةً على وصول العجز التجاري المحلي والخارجي لتركيا إلى 110 مليارات دولار.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط