مرَ الجميع بتجربة مغادرة المكان الذي كان يقطنُ به أو الذي نشأ في بيئته، والبعض كان ينتقل من القرى إلى المدن لغايات وأسباب كثيرة، لكن هل سمعتم بشعب يغادر أرضه وبلده بالكامل ولا يتمنى العودة إليه .
أختار الشعب السوري أن يغادر سوريا للبحث عن مكان أكثر أماناً وحياة أفضل من العيش بمزرعة ومسالخ الأسد، فلا يوجد عائلة إلا وقد ذاقت ويلات الاضطهاد والانتهاكات والعيش بأدنى مقومات الحياة والانسانية كما حدث ومازال مستمراً في سوريا لغاية الآن .
فمنهم من فرّ لمجرد أن هويته سنية ومنهم من فر لأنه يعتنق ديانة السيد المسيح والنسبة الأكبر هربت بسبب آرائهم السياسية وعدم القدرة على العيش في تلك المزرعة.
الجيش الإسرائيلي يتواصل مباشرة مع النظام ويبلغه الجهة المستهدفة في الهجمات الأخيرة
وعندما لاحت تلك الرحلات بأمل جميل ومستقبل أفضل في بعض البلدان، وجد السوريين أن فوبيا المخاطر والخوف مازالت ترافقهم، فلا استقروا ولا استطاعوا التخلص من عقدة الحماية المؤقتة، ناهيك عن العنصرية والكراهية والتمييز اليومي، فالعزلة والوحدة جعلتهم منغلقين على أنفسهم لآنهم فقدوا شبكات الدعم التي تُعرف بالمجتمع والأقارب والأصدقاء.
لم يطلب الشعب السوري من أصدقائه الكثير سوى عمل محترم بأجر كريم يساعده على توفيراحتياجاته وملاذ يحميه وعائلته من الكوارث البشرية والطبيعية، ورغم أن الكثير من السوريين قدم التنازلات إلا أنها لم تشفع لهم من خطابات براعم السياسية وحسابات الأحزاب المتنافسة، فوجد السوري نفسه ورقة يلوح الجميع، بها فتارة يضرب بتلك الورقة على طاولة الحوار وتارة أخرى تعود إلى رفوف المكاتب المكدسة بمشاكل ذلك البلد أو غيره.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ
لم يعد الشعب السوري يبالي بكثرة التصريحات حوله، ويبدو أن قضية العودة والموت بكرامة أفضل بكثير من حلم لن يتحقق، فلا تقديم التنازلات والسكوت قد حسن من وضعه ولا العيش بشكل مهين قد وافق كرامته .
واليوم نرى الشباب السوري الذي سعى وحاول بكل الوسائل أن يتأقلم ويندمج وإلا يضطر للمغادرة مرة أخرى لأوروبا بالتفكير بإعادة رحلة اللجوء والمخاطرة لعله أخر فرصة في الوصول إلى الجنة الموعودة والشق الأخر والذي يعتبر هو الأكبر نوعاً ما بالعودة إلى سوريا مُسلماً نفسه وذويه إلى القدر، لآن المضحك المبكي في قضية لجوء السوريين والتحكم بمصيرهم يديره ساسة معظمهم لاجئين .