الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين

أدهم قضيماتي

أدهم قضيماتي

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين الكثير من محطات التعاون والخلاف خلال الأربعة قرون الماضية، لكن كلمة الفصل بينهما كانت في علاقتهما التجارية بعدما أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية تخوفها من ازدياد تنامي الاقتصاد الصيني بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ليشكل منافسًا حقيقيًا للاقتصاد الأمريكي الذي كان يهيمن على العالم منذ عقود، حين أغرقت الولايات المتحدة دول العالم بعملتها كاحتياطي للنقد الأجنبي وتغطيته بالذهب، وانسحابها من تعهد التغطية بالذهب عام 1971م.

مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة تجلى الخلاف التجاري بين الصديقين اللدودين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تفاقم الصراع الاقتصادي وازادت الحرب التجارية بين البلدين لعدة أسباب، كانت شرارتها عندما اتجهت الصين نحو خفض حيازتها من السندات الأمريكية كورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية.

وصلت السجالات والتهديدات أشدها بين البلدين بعدما فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسومًا جمركية على السلع والمنتجات الصينية التي تدخل إلى السوق الأمريكية، مبررًا ذلك بأن الصين تشجع على انتهاك الملكية الفكرية وسرقة التكنولوجيا من الشركات الأمريكية، داعيًا المصنعين الأمريكيين على الإنتاج في الولايات المتحدة بدلاً من استيراد البضائع الصينية تجنبًا لدفع رسوم جمركية باهظة بحسب تغريدته على تويتر، ومن جهة أخرى انتقد ترامب العجز التجاري الهائل في الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحة الصين.

اقرأ أيضاً: (الشفلح) ملجأ الأهالي لتأمين قوت يومهم شمال سورية

وخلال ولاية ترامب دخل قرار زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية حيز التنفيذ خلال شهر أيار من العام 2018م بنسبة تتراوح بين 10 بالمئة إلى 25 بالمئة، حيث أخضعت أمريكا أكثر من 250 مليار دولار من الواردات الصينية للرسوم الجمركية، أي ما يعادل 47 بالمئة من تلك الواردات.

تعدُّ الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستقبل للصادرات الصينية متضمنة الآلات الكهربائية والتجهيزات الصوتية ومعدات أجهزة التلفزة والأجهزة الكهربائية والأثاث والمركبات الآلية وقطع الغيار وغيرها، وبالمقابل تصدر الولايات المتحدة للصين الكثير من المنتجات الأمريكية أهمها فول الصويا وبذور النباتات الزيتية والطائرات والمعدات الفضائية والمواد البلاستيكية والأسماك والأخشاب.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

حمل قرار زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين وجهات نظر متباينة من قبل سياسيين وصناعيين أمريكيين، رأى بعضهم أن هذه العقوبات بمنزلة حماية للمنتجات الأمريكية، والبعض الآخر رأى أن تلك العقوبات ستكون إطلاق الرصاص على أقدام أمريكا لما تمثله من خطر على القطاع الزراعي الأمريكي إلا أن هذه الخطوة لابد منها بحسب وصف البعض.

وفي وقت سابق كشف مكتب الإحصاء الأمريكي أن الميزان التجاري بين البلدين يميل لمصلحة الصين، حيث بلغت الواردات الأمريكية من الصين نحو 540 مليار دولار عام 2018م فيما كانت الصادرات الأمريكية للصين في العام نفسه ما يقارب 120 مليار دولار.

وبالسياق ذاته كشفت الإدارة العامة للجمارك الصينية أنه في عام 2019م تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 14.6 بالمئة لتبلغ 418.5 مليار دولار، وفي الوقت نفسه تراجعت الصادرات الأمريكية إلى الصين بنسبة 20.9 بالمئة لتبلغ 122.7 مليار دولار، إلا أن عام 2020م شهد زيادة في الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنحو 7.9 بالمئة لتصل إلى 451.81 مليار دولار، بالتوازي مع زيادة الصادرات الأمريكية إلى الصين بنسبة 9.8 بالمئة لتحقق 134.91 مليار دولار.

إن الصين تعدُّ أكبر دائن للولايات المتحدة الأمريكية، حيث إنها تمتلك أكبر احتياطي نقدي من الدولار الأمريكي في العالم، وكانت تعدُّ أكبر مستثمر أجنبي في سندات الخزانة الأمريكية بما قيمته 1201 مليار دولار عام 2017م، بالإضافة إلى ميل الميزان التجاري لمصلحة الصين بفارق كبير وازدياد تمددها الاقتصادي عالميًا، ولعل هذا كله يجعل اتخاذ القرار من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين له حسابات وتداعيات كثيرة تأخذ بعين الحسبان.

ومع وصول جو بايدن لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية لم تتغير رؤية الإدارة الأمريكية نحو الصين وتصديها لصعود النفوذ الصيني في العالم وبرنامجها (الحزام والطريق)، الذي ضخت الصين لتنفيذه مليارات الدولارات في الدول النامية، وكان ذلك جليًا خلال اجتماع مجموعة الدول السبع الذي أقيم في إنكلترا منذ أيام وتم خلاله طرح برنامجًا بديلاً عن البرنامج الصيني، حيث تضم مجموعة الدول السبع الدول الأكثر ثراءً في العالم.

وعلى الرغم من نية الولايات المتحدة الواضحة لتحجيم الدور الاقتصادي الصيني عالميًا إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد تتعرض لضغط تعديل الكثير من السياسة التجارية والاقتصادية العدائية التي انتهجها سلفه ترامب نحو الصين والحلفاء الإستراتيجيين للولايات المتحدة الأمريكية، كالاتحاد الأوربي بما يتناسب والواقع الاقتصادي العالمي في ظل جائحة فايروس كورونا.

 

 

أدهم قضيماتيأمريكااقتصاد عالميالاقتصاد الصينيالصينالولايات المتحدة والصينجو بايدنحرب أمريكا والصينشركة هواوي