النظام السوري وخيارات البحث عن مظلة جديدة

غسان الجمعة

لا شك أن شكل وطبيعة الوجود الروسي في سورية ستختلف عما كان عليه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا حيث بات غزو بوتين لأوكرانيا معركة مصيرية سيتحدد بعدها الثقل الاستراتيجي والمكانة الروسية على الساحة العالمية من جديد بصورة تعكس هذه النتيجة بين النصر والهزيمة.

فالهزيمة لها ارتدادات سلبية جيوسياسية وعسكرية على الوجود والنفوذ الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا وباقي مناطق التوتر والنزاع على الخريطة العالمية وأما النصر الذي يخفض بوتين سقفه يوماً بعد يوم ليحفظ به ماء وجهه ويحافظ على السمعة الروسية فنزل به من رغبته في السيطرة على العاصمة كييف إلى حلم السيطرة على أقاليم حوض البحر الأسود الأوكرانية بعملية لا يزال تسميها موسكو “خاصة” وقد كلفت الجيش الروسي حسب تقارير استخباراتية غربية ثلث القوة القتالية الروسية.

الائتلاف يطالب بوقف الدعم الدولي عن ميليشيات PYD

لذلك فإن رأس النظام السوري يعي ما بات يشغل الكرملين ويقض مضاجعه وليس خفياً عليه كما هو الأمر للجميع الفشل العسكري والسياسي الذي تعاني منه موسكو باعتبارها دولة عظمى أمام فتات الدعم الغربي المقدم لكييف أمام ما يملكه الغرب من ترسانة أسلحة.

وعلى الرغم من ارتباط النظام السوري اقتصادياً وعسكرياً مع الأوليغارشية الروسية بعقود وصفقات وهو مهدد كما هي بالتدمير والعقوبات إلا أن النظام السوري وغيره ممن يستطيع القفز من سفينة بوتين عند غرقها لن يتردد ولاسيما وأن للأسد فرصاً عديدة للنجاة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

فإيران التي زارها بشار الأسد مؤخراً هي ذلك الطوق الذي سيبقيه عائماً في حال غرقت سفينة بوتين مع أن طهران استنجدت بروسيا في العام 2015 من خلال زيارة لسلـ.ـيماني لإنقاذ الأسد بعد فشلها في المحافظة عليه وهو ما أكده العديد من الساسة منهم حسن نصر الله.

وعلى الرغم من أن ميزان القوى على الأرض عندها لن يكون في صالح الأسد وحلفائه ولا يوجد من هو قادر على ملء مكان الدب الروسي إلا أن طهران بمقدورها أن تحافظ على النظام السوري بعد أن تغلغلت بمفاصل الدولة والجيش وأصبحت تملك أذرعاً وميليشيات تحل مكان القوات الروسية التي تنسحب من بعض مواقعها حسب تقارير غربية إلى أوكرانيا.

الورقة الأخرى التي يستطيع الأسد اللعب من خلالها خارج المدار الروسي هي تقوية علاقاته مع الدول العربية التي تنحو للتطبيع مع نظامه والدفع نحو توفير دعم إقليمي يسهم في كسر عزلته ولاسيما وأن دولا عديدة تنظر بإيجابية لحضور بشار الأسد القمة العربية المزمع عقدها في نوفمبر القادم في الجزائر.

ومن جانب آخر فإن النظام السوري من الممكن أن يأخذ الدور الذي لعبته روسيا على الطاولة السورية بين الأحزاب الانفصالية في شرق الفرات وتركيا لا سيما وأن العلاقات الاستخباراتية بين النظام وأنقرة لا تزال مستمرة باعتراف الحكومة التركية كما أن النظام وقسد تربطهما روابط اقتصادية وسياسية وأمنية مشتركة ومن الممكن أن تكون قسد مستقبلاً رافداً وداعماً أكبر للنظام السوري وقد حصل هذا التعاون في مناسبات عديدة بين الطرفين.

لذلك فإن اللعب على المتناقضات لتحقيق المكاسب في الملف السوري لا يزال يثمر مع النظام السوري وإن كان بأثمان أكبر مما عليه في السابق في ظل الحماية العسكرية والدبلوماسية للروس.

تحديات جديدة تفرضها الظروف الدولية على نظام يرتكز في وجوده على الدعم الخارجي مما يهدد استمراره بتغير تلك الظروف ولا سيما علاقاته مع بوتين التي سيكون مستقبلاً مخيراً بين أن يقطعها أو أن تسحبه إلى منزلق روسيا الحالي سياسياً وعسكرياً.

إيرانالتطبيع مع النظام السوريالغزور الروسي لأوكرانياالنظام السوريبشار الأسدبوتينتركياروسياسوريةطهرانغسان الجمعةقسد