بيدرسون وخداع الخطوة بخطوة

د. نذير الحكيم

لا شك أن ورقة التوت سقطت عن بيدرسون وحياديته، وبدا سوء أمانته واضحاً، باعتماده نهجاً براغماتياً تدرُّجياً فيما كُلف به، وأن نظريات الأمم المتحدة لم تكن سوى تخدير واستمالة لأمال السوريين المظلومين والمناهضين لبشار الآسد، حيث أن الأمم المتحدة كانت تطالب سابقا بــ (بيئة آمنة وهادئة ومحايدة) كي يتم الانتقال الى هيئة حكم انتقالي.

لقد أتبعت الأمم المتحدة بمبعوثها الأممي الى سورية نهج الديماغوجية، لإيهام اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض، بأن نضوج السلال الاخرى يسير بالتوازي مع عملهما، لكن في الحقيقة كان التعمد والقصد واضح لإغفال سلال التفاوض ذات الألوية الملحّة، التي يمكن الاستعانة بها في حال نضوج الظروف السياسية.

لا شك أن خطة “الخطوة بخطوة” تُظهر أن بيدرسون انضم الى جوقة التطبيع وحرف العملية السياسية عن وجهتها، التي تصب في بوتقة النظام وإعادة تدويره والتفريط في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 عن سابق إصرار وتصميم

منذ بداية الأحداث التزمت الفصائل الثورية بوقف إطلاق النار وكل توابعه، لكن هذا كان من جهة واحدة في حين ضربت روسيا وإيران ونظام اسد وميلشياته عرض الحائط كل قرارات الامم المتحدة والقانون الدولي الإنساني ومجلس الأمن، في ظل تغاضي الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي عن جرائم الأسد المدعوم بالفيتو الروسي والصيني، حيث لا عقاب ولا محاسبة على ارتكاب جرائم الحرب ومجازر الكيماوي.

يذكر أن بيدرسون بموقفه المثير للجدل ظهر كعراب يركض وراء مبادرات التطبيع مع بشار الأسد، وأما القرارات الدولية ومبادرات الأمم المتحدة التي يمثلها فيرميها وراء ظهره. ونسي بيدرسون أن سوريا لازالت تعج بالميلشيات الداعمة لنظام أسد في حين أن قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 2013 في الفقرة /16/ منه: يؤيد تأييداً تاماً بيان جنيف 1 المؤرخ في٣٠حزيران/يونيو2012 بيان جنيف 1 لمسألة البيئة الآمنة.

ولضمان عملية الانتقال السياسي بقيادة سورية يملكها السوريون ويقرر الشعب السوري مستقبل سوريا، على اساس جنيف 2012 بمجمله.  قرار مجلس الأمن رقم /2254/ 18 كانون الأول ديسمبر عام 2015يؤكد في الفقرة /1/ منه على مصادقته على بيان جنيف بتاريخ 30 حزيران 2012

لابد أن يعي بيدرسون أن تشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة السلطات التنفيذية، والتي تقود المرحلة الانتقالية، وتهيئ البيئة الآمنة والمحايدة لصياغة الدستور الجديد.

– إن خلق بيئة آمنة ومحايدة في سوريا يمكن أن تُجرى فيها هذه الانتخابات بما في ذلك الحملات الانتخابية دون خوف من الانتقام والعمل على إدراج مسألة التصويت للسوريين في الخارج”

لكن الواضح أن بيدرسون يسير على خطى سلفه ديمستورا الذي أشرف على تهجير السوريين من حلب ويعلن استعداده عن إعادة الكرّة في ادلب ويقول يمكنني أن أرافق فريق الأمم المتحدة لإخراج المدنيين من إدلب، متناسياً ان التهجير القسري للمدنيين في سوريا مخالف للقانون الدولي الإنساني ويعتبر جريمة حرب.

بكل جرأة وصلت وقاحة بيدرسون ليبشر بمسار جديد بعد فشل اللجنة الدستورية ويسميه خطوة مقابل خطوة. حيث يقوض هذا العمل دور المؤسسة الدولية ومصداقيتها والثقة بها، ويعمل بهذا على خلق الفوضى في العالم وتغذية الأيديولوجيات المتطرفة على اختلافها الوطنية والطائفية واليمينية والدينية.

لقد غاب عن بيدرسون أن الحل يجب أن يكون وفقاً للقرار 2254 الذي صدر بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر عام 2015) والمطلع على هذا القرار يجد أنه محمول على بيان جنيف 1 في 30 يونيو/ حزيران 2012 المصادق عليه بقرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 2013, ومن نافلة القول إن بيان جنيف 1 أدرج خطة النقاط الستة لكوفي عنان في مضمونة.

من المستغرب أيضاً أن بيدرسون نسي بيان جنيف ومواده التالية:

-(المادة 7/ج) من بيان جنيف 1 التي تتحدث عن انتقال سياسي؛ تنص على أن عملية الانتقال السياسي: تنفذ في جو يكفل السلامة للجميع ويتسم بالاستقرار والهدوء.

والمادة (8/أ) من بيان جنيف 1 تنص على الآتي: ثمة رغبة جامحة في إقامة دولة… تتيح حيزاً للجهات الفاعلة وتلك التي نشأت منذ عهد قريب لتتنافس بصورة نزيهة ومتساوية في الانتخابات.

و(المادة 9/أ) من بيان جنيف 1 تنص على ما يلي: إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية.

وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/262 الصادر في 15 أيار مايو 2013 والذي نص على أنه: تنفذ الخطة الانتقالية وفق جنيف 1 في جو من الاستقرار والهدوء.

في الختام لم يعد من جدوى لوجود بيدرسون كوسيط ومبعوث دولي منحاز بعد أن كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الأمم المتحدة التي ينبثق منها المبعوث الدولي بيدرسون ساهمت بطريقة غير مباشرة بتمويل ميليـشيات متورطة بانتهــاكات حقوقية وقمــع المدنيين. قدمت دعم بملايين الدولارات لكيانات وميليشيات مرتبطة بـ “ماهر الأسد” مباشرة، بالإضافة لطريقة الشراء المتبعة من قبل وكالات الأمم المتحدة، التي تقدم المساعدة في مناطق سيطـرة نظام الأسد.

حيث أن الوكالات الأممية لا تدمج مبادئ حقوق الإنسان بشكل كاف في تقييمها لموردي الأمم المتحدة وشركائها في مناطق النظام.

الأمر الذي يعــرضها لمخاطــر كبيرة تتعلق بالسمعة وتمويل الجهات المسـيئة والجهات التي تعمل في قطاعات عالية المخاطــر دون ضمانات كافية.

 

اللجنة الدستوريةبيدرسونخطة الخطوة مقابل خطوةخطوة بخطوةد. نذير الحكيمسوريةمجلس الأمن