قسد تتعلق بقشّة الأسد

غسان الجمعة

في وقت ليس ببعيد كانت الأحزاب الانفصالية في شرق الفرات تطالب النظام السوري من خلال الساسة الروس بامتيازات وحصص اقتصادية لكياناتها، بالإضافة إلى خصوصية ثقافية وسياسية وحتى عسكرية لمنظومتها ضمن جيش الأسد؛ للوصول إلى صيغة تفاهم تُفضي إلى انضمامها واندماجها في هيكلية ومؤسسات للنظام السوري.

اليوم وفي تراجع واضح لسقف المطالب يطل علينا قائد ما يسمى قوات سورية الديمقراطية مظلوم عبدي بتصريحات تؤكد التنسيق العالي بين قسد والأسد وتُظهر معطيات الميدان تعزيز قوات النظام لمواقعها في الشمال السوري والدخول لمواقع جديدة تحت سيطرة الميليشيا في ظل حشود للجيشين الوطني السوري والتركي لتحرير مدن وبلدات المهجرين قسراً، وإبعاد شبح الإرهاب عن المنطقة الآمنة.

والتساؤل هنا أين الموقف الأمريكي عن شذوذ قسد الحالي لاسيما العسكري وهي التي تعمل تحت مظلة محاربة داعـ.ـش؟ وماهي دوافع قسد حتى تلوذ بالنظام السوري وتقدم له سلة من التنازلات والمكاسب؟

السعودية تؤكد أن قمة جدة لم تتطرق لموضوع التعاون مع إسرائيل

الغموض الأكبر يعتري الموقف الأمريكي من هذا التقارب، فرغم معارضة واشنطن للعملية التركية بشكل صريح إلا أنها وأنقرة رغم خلافاتهما حول الملف السوري حلفاء في الناتو، الذي شكّل في قمته الأخيرة بيئة اختبار حقيقية لمدى جدية هذا التحالف.

حيث أثمرت هذه الشراكة بالنهاية عن قبول طلب فنلندا والسويد كأعضاء جدد في الحلف بعد معارضة تركية شديدة وإلحاح أمريكي وغربي واضح لقبولهما، فكانت المصالح التركية معتبرة على طاولة التفاهمات، بينما كانت قسد جزءًا من ثمن تلك الصفقة، ويرجح مراقبون أن الصمت الأمريكي الحالي الذي تعكر صفوه تحذيرات لابد منها هو ضوء أخضر لشن أنقرة لعمليتها ضد قسد.
ومن جانب آخر لا ترى واشنطن في سياسة الدفع بقسد نحو أحضان الأسد خطراً حقيقياً على وجودها ومصالحها، بل إن خلط الأوراق على الساحة السورية ربما يصبّ في مصلحتها، فالتفاهمات التركية الإيرانية الروسية جعلت من واشنطن لاعباً محاصراً على الحلبة السورية.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

لذلك فإن إدارة المعركة بين أطراف آستانا بعيداً عن الموقف الأمريكي هي فرصة صدام لهذا التكتل الذي يعمل خارج الصندوق الأمريكي في سورية والمنطقة عموماً، وفكرة أن تكون قسد والأسد حصان طروادة لاختراق هذا التكتل ليس أمراً سيئاً للسياسة الأمريكية تجاه الملف السوري.

من جانب آخر ربما لم تجد قسد أفضل من النظام السوري في هذه المرحلة كحليف عسكري في ظل تحول روسي عن الملف السوري وانشغاله في أوكرانيا، كما أبدت إيران تفهمها على لسان وزير خارجيتها قيام أنقرة بعملية عسكرية خاصة شمال سورية، مما يعني بالنهاية عدم رغبتها الانحياز إلى قسد في هذه المواجهة، لا سيما أن طهران أعلنت رغبتها أن تكون وسيطاً بين الأسد وأنقرة، ورغم ذلك فإن ميليشيات محلية موالية لطهران اشتركت في غرفة عمليات مشتركة تضم (قسد، والأسد، وإيران).

كما أن تصدر النظام السوري للمشهد العسكري على طول خط الجبهة من القامشلي إلى أرياف حلب تتغير من خلاله الكثير من المعطيات، إذ إن المعركة إن تمت فإنها ستكون بين دولتين (تركيا، ونظام الأسد)، ولذلك آثار سياسية ودولية وعسكرية مختلفة تماما فيما لو كانت قسد هي رأس الحربة فقط في مواجهة الجيشين الوطني والتركي.

إن خيار التحالف مع النظام السوري بالنسبة إلى قسد يضمن عدم التنسيق بين تركيا والأسد على اعتبار وجود مفاوضات ذات صبغة أمنية بين الطرفين، لا سيما أن تقارير إعلامية نقلت اليوم عن مصادر للنظام السوري عدم صحة مشاركتها في أي غرفة عمليات مشتركة مع قسد، وهو ما يُعدُّ مقدمات لتكرار سيناريو النظام في عفرين عند تحريرها في عملية غصن الزيتون.

إيرانالجيش السوريالجيش الوطنيالعملية التركية الخاصةالنظام السوريبشار الأسدتركياتل رفعتروسياغسان الجمعةقسدمارعمنغ