الانتخابات في سياق الحل السياسي ( 3)

فراس مصري

نتابع ما بدأناه حول الانتخابات في سياق الحل السياسي، وذكرنا في أول مقالتين تموضع الانتخابات في مسار العملية السياسية من وجهة نظر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

وإذا ما أردنا إدراج وجهة نظر الطرفين السوريين الأساسيين في العملية السياسية وهما (النظام، والمعارضة) نرى أن النظام يرى في الانتخابات تكريسًا لاستبداده واستمرارًا لمسرحياته الهزلية متناسيًا أن شرعيته الإنسانية قد انتهى مفعولها، وبالتالي يسعى لتسيير انتخابات صيف 2021 على غرار ما فعله عام 2014 مستغلاً التخاذل الدولي واستمرار الاعتراف به بشكل رسمي حكومةً ودولةً ورئاسةً من قبل الأمم المتحدة، وسكوت الجميع عن نتائج الانتخابات الهزلية الرئاسية منها والبرلمانية والمحلية التي جرت خلال سنوات الثورة.

أما المعارضة الرسمية فتنظر إلى هذه الانتخابات (كما تصرح على الأقل) سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية، على أنها لا تصح إلا بعد التوافق على هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية وتبني دستورًا جديدًا للبلاد من خلال عمل اللجنة الدستورية، ثم انتخابات في بيئة آمنة ومحايدة في قراءة وطنية لقرارات الأمم المتحدة لا سيَّما 2254.

وبين نظرات ثلاثة للانتخابات في سياق الحل السياسية (دولية أممية، ونظام، ومعارضة) علينا نحن، الجمهور المعارض، أن نحلل هذا السياق من خلال الواجب والممكن ومن خلال الحق والمتاح، فالواجب والحق عند أهل الحرية والعدالة هو إنهاء الاستبداد والمستبد بغض النظر عن الوسيلة لا الدخول معه في انتخابات أو شراكة في الحكم، أما الممكن والمتاح ربما يختلف عن الأمل المنشود، وبالتالي الإعداد والاستعداد يكون ضمن المتوقع والمحتمل لا المأمول والمنشود مع السعي لهذا المأمول بقدر الإمكانات والنفوذ القوة.

ومن باب هذا الإعداد والاستعداد علينا التحضير بضوابط وتوازن ورصانة لأي استحقاق أو احتمال، فمسار السياسة والمفاوضات يمنع طرفًا من إفناء طرف آخر، ولو تمكن من إفنائه لما احتاج دخول مفاوضات معه (عن كلا الطرفين أتحدث).

والتحضير يبقى من باب الجاهزية للحظة القرار، ولا يعني أبدًا تخاذلاً بالقرار، فالمؤمن كيّسٌ فطن ولا ينتظر المفاجآت بل يستعد لها.

إن العملية الديمقراطية الشفافة التي ستقود البلاد لأي انتخابات ذات مصداقية في سورية تهدف لدعم الاستقرار وإنهاء مأساة السوريين، لا يمكن أن تنجز دون تحقق البيئة الآمنة والمحايدة والتي من أهم وسائلها باختصار:

  1. طمأنينة أمنية للمواطن السوري بأنه ليس عرضة للاعتقال أو القتل أو التهجير من منطقته أو بيته.
  2. خروج المعتقلين وعودة المهجرين الطوعية لأملاكهم.
  3. تمكين كافة المواطنين من الحصول على وثائقهم الشخصية التي تجعلهم ناخبين.
  4. بيئة قانونية موضوعية ووطنية وغير منحازة (دستور، قانون انتخابات، قانون أحزاب، قانون إدارة محلية).
  5. هياكل قانونية محترمة غير منحازة (مجلس قضاء مستقل، محكمة دستورية عليا، لجنة انتخابات عليا…) مُشكَّلة وفق الدستور بأعلى معايير الشفافية والاستقلال.

هذه الوسائل يهرب منها النظام لوثوقه أنها والديمقراطية الحقة ستنهيان حقبة إجرامه وترسلانه للمحاكم العادلة، وكلنا نذكر أن (علي عزب بيغوبيتش) صافح جلاد شعبه وشاركه ثم أرسله للسجن، ولا يعني أن ذلك نموذجًا صالحًا لسورية بالضرورة، لكن في كل نموذج رسالة ورؤية وتمكين من فهم الحقائق.

فلنستعد ولنتحضر ولنمكّن أنفسنا للحظة قرار ربما يكون حلوًا وربما يكون مرًا، فأي حصاد سيكون من زرعنا، وعندما لا يكون هذا الحصاد طيبًا مثمرًا فلأننا لم نتقن الزرع، وعليه فالمراجعات واجبة.

حياكم الله..

 

الانتخابات السوريةالحل السياسي في سوريةبشار الأسدسوريافراس مصري