العقيد مصطفى فرحات يكشف لحبر عن أهمية جبل الزاوية والمساعي الروسية للسيطرة عليه

عبد الحميد حاج محمد

 

 

يستمر التصعيد العسكري من قبل روسيا ونظام الأسد على منطقة إدلب، في وقت يخشى فيه الأهالي من شن عمل عسكري جديد يؤدي إلى قضم مناطق جديدة من الشمال السوري.

 

صحيفة حبر التقت المحلل العسكري العقيد الركن (مصطفى فرحات)، لبحث ملف جبل الزاوية في إدلب والتصعيد العسكري، ومدى إمكانية شن روسيا لعمل عسكري على المنطقة للوصول إلى الطريق الدولي m4.

 

وقال العقيد بداية: |إن إعلام روسيا الرسمي تحدث عن إذا ما تمكنوا من إخضاع كافة الجغرافيا السورية لسيطرتهم فلن يتوانوا لحظة واحدة، وهذه حقيقة، وروسيا لا تخفيها بل تتحدث بها دائمًا.”

 

منطقة جيل الزاوية عسكريًا

ويتابع فرحات أنه “من الناحية العسكرية فإن منطقة جبل الزاوية معركتها معركة كسر عظم، وهي منطقة حاكمة، من يسيطر على المنطقة سوف يسيطر ناريًا على جميع محافظة إدلب، حيث تصبح المحافظة بشكل كامل تحت مرمى النيران، فالموضوع ليس فقط بالطريق الدولي بقدر ما هو في جبل الزاوية، ومن يقوم بافتتاح هذا الطريق يترتب عليه السيطرة على منطقة جبل الزاوية، وهذا الموضوع جدًا معقد، وخسارة جبل الزاوية هو خسارة المحافظة بالكامل.”

في كل محفل دولي تؤكد روسيا ضرورة الحفاظ على اتفاق التهدئة في إدلب، ثم تقوم طائرتها بقصف إدلب كيف ترون ذلك؟

“روسيا كما عودتنا لم تلتزم باتفاقات، حيث كان هناك مناطق خفض تصعيد سابقة، وكان هناك الطريق الدولي حلب دمشق، وكيف تم تجريد الفصائل من سلاحها الثقيل على مسافة 15 كم على ضفتي الطريق، والتزمت الفصائل العسكرية بهذا الموضوع ولم تلتزم قوات النظام ومن يؤيدها روسيا وإيران بهذه الاتفاقيات، حيث نفذت من طرف واحد فقط، واليوم الروسي لم يلتزم والشماعة التي يتحجج بها الروسي لخرقه هذه الاتفاقات هو وجود الإرهاب، بينما على الواقع من يقصف هم المدنيون وبينهم أطفال ونساء من أهالي المنطقة ممن بقي فيها.”

 

التصعيد العسكري الأخير يركز على منطقة جبل الزاوية، هل تعتقدون هناك نية روسية بشن عمل عسكري جديد؟

“من منطلق أهمية جبل الزاوية فلن تكون معركته سهلة على النظام وداعميه في حال فكروا في خوض عمل عسكري في هذا الاتجاه، إذ سيواجهون صمودًا أسطوريًا من قبل الفصائل، ولن تتخلى الفصائل عن الجبل بهذه السهولة، حتى أن تركيا زجت العديد من قواتها؛ لأنها تدرك أن خسارة هذه المنطقة سوف تؤثر عليها وبشكل خاص أنها منطقة محاذية لتركيا.”

 

وأشار العقيد إلى أن اتفاق آذار 2020 أكد وقف العمليات العسكرية وفتح طريق m4 وحاولت الدوريات المشتركة التركية الروسية المرور على الطريق، إلا أنها لم تتمكن بسبب الرفض وتعرضها لعدة عبوات على الطريق.

 

ويضيف أن “النظام أكثر من مرة حاول التصعيد العسكري بقصف المناطق بشكل كبير، يهدف من ذلك لإيصال الناس لمرحلة اليأس والخضوع، وبالتالي العودة لما يسميه حضن الوطن، وبمجرد العودة إلى ذلك تنتهي عمليًا الثورة السورية، لأن من يعود إلى سيطرة نظام الأسد فسيكون مطواعًا بالشكل الذي يريده النظام لن يتجرأ أي كان أن يغامر بأي شيء في مناطق النظام، وخصوصًا المناطق الشمالية، لأن أجهزة نظام الأمنية لا تتوانى عن استباحة دماء الشعب.”

 

كيف ترون الموقف التركي بالنسبة إلى التصعيد الذي تشهده منطقة إدلب؟

في حال دخل نظام الأسد إلى المناطق الحدودية مع تركيا ستكون تركيا أيضًا مهددة، وقد زجت تركيا بقوات لها، وأقامت مناطق عازلة ومناطق تتبع لها، وتركيا أصبحت اليوم تتحدث باسم المهجرين في الشمال السوري وأصبحت لاعبًا أساسيًا في الملف السوري، ومن مصلحتها بقاء هذه المنطقة طالما أنه لا يوجد حل للجغرافيا السورية بشكل كامل ومناطق النفوذ السورية ستستمر، طالما أنه هناك غياب لأفق التسوية السياسية الشاملة.”

 

ارتكب نظام الأسد عدة مجازر مؤخرًا، وعبَّر الأهالي عن استيائهم من عدم رد تركيا على تلك المجازر في إشارة إلى أن تركيا متماهية مع الدور الروسي، ما قولكم؟

 

“كان هناك اجتماع مؤخرًا بين الدول الضامنة الثلاث (تركيا، وروسيا، وإيران) ونعلم أن تركيا واحد من أصل ثلاثة، والروسي والإيراني في وادٍ، وتركيا في واد]، ولا يوجد انسجام كامل بالرغم من وجود تنسيق وقواعد اشتباك متفق عليها إلى حد ما؛ لأن الساحة السورية أصبحت اليوم ساحة مستباحة للجميع، وبالتالي فإن تركيا لا تملك من عوامل القوة ما يؤهلها لفرض ما تريد، وكانت تركيا سابقًا تتحدث عن خطوط حمراء، وكلنا تابعنا ذلك، لكن هناك شيء مأمول وشيء متوفر ضمن الإمكانات، فتركيا لا تملك الإمكانات، لتحقيق مواجهة دول كبرى كروسيا.”

موسم التين حزين هذا العام.. والمزارعون يشتكون

كيف ترون دور الفصائل العسكرية في المنطقة؟ وهل هي قادرة على رد حملة روسية محتملة على المناطق المحررة؟

الفصائل العسكرية تربطها اتفاقات ومسار حل سياسي، وعندما يصطدم مسار الحل السياسي بعقبة ويكون هناك الخيار الوحيد العسكرة فإنه سيكون هناك صراع جبابرة، صراع من أجل الوجود؛ لأنه لم يعد هناك مناطق تهجير باتجاهها (لا إدلب بعد إدلب)، فهي الموقع الأخير الذي سيتم الدفاع عنه حتى الرمق الأخير، وليس من مصلحة روسيا ونظام الأسد خوض معركة كبيرة، لأننا نعلم أن الشمال السوري أصبح منطقة أمر واقع، فمن الناحية العسكرية فهي ليست معركة سهلة، ومن الناحية الإنسانية فلدينا مايقارب أربعة ملايين إنسان في حال شن عمل عسكري واسع فأين سيتجه هؤلاء الناس؟، قد يتوجهون نحو أوروبا وهذا ما لا تريده أوروبا ولا المجتمع الدولي.”

 

ويتابع العقيد بخصوص شن عمل عسكري باتجاه ما تبقى من المناطق المحررة: “عندما تخرج الأمور عن الإطار السياسي، إن فكر نظام الأسد وروسيا بشن عمل عسكري، فأعتقد سيكون ذلك وبالًا عليهم، وسيؤدي إلى خسارتهم مناطق كذلك، حتى لو ترافق ذلك بحملة قصف جوية مكثفة، لأن جغرافية المنطقة معقدة، والفصائل أقامت فيها خطوط دفاعية من الصعب كسرها وخصوصًا أن المقاتل في هذه المعركة يقاتل حتى النهاية؛ لأنه لم يعد لديه خيارات، وعسكريًا عندما تريد تطويق قوة معينة وأنت الطرف المهاجم عليك أن تترك خطًا لهرب القوة المطوقة حتى لا تجعل منها قوة تقاتل حتى النهاية”.

 

وأكد العقيد خلال حديثه لحبر أن بوتين حاول تعويم نظام الأسد خلال قمته مع بايدن، لكن الرد الأمريكي كان مقتضبًا وواضحًا بأن بشار الأسد لا يمكن التعامل معه، فحلم بوتين مؤجل بتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار طالما أن بشار الأسد موجود في السلطة.

وأشار إلى أن نظام الأسد حاليًا يقف على القدم الإيرانية، وفي حال بُترت القدم الإيرانية سيسقط نظام الأسد بأسرع ما يتصور أي جهة، فإن بشار الأسد لا يملك جيشًا.

وحسب اطلاعه فإنه في الشهر الخامس من العام 2012 التحق بإحدى الدورات من أصل 550 شخصًا 4 أشخاص فقط، وباعتراف النظام سقط له 100 ألف قتيل خلال السنوات الماضية، وانشق عن جيشه أكثر من 125 ألف، إضافة إلى أن السويداء لم تجند أبناءها في جيش النظام، فجميع ثكنات النظام اليوم تشغلها الميلشيات الإيرانية، وفق حديث العقيد.

لمتابعة الأخبار السياسية والمنوعة اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

الجدير بالذكر أن منطقة إدلب تخضع لاتفاق خفض التصعيد واتفاق وقف إطلاق النار، بين تركيا وروسيا، ومنذ آذار 2020 تشهد المنطقة توقفًا للعمليات العسكرية، باستثناء عمليات القصف التي تشنها قوات الأسد وروسيا على المناطق المحررة.

 

إدلباتفاق إدلبجبل الزاويةروسياسورياعبد الحميد حاج محمدلقاءات صحيفة حبرمحافظة إدلب