علي سندة
كل إنسان يتمنى أن يكون لديه الكثير من الأشياء في حياته، ويجتهد بطلبها من الله سبحانه وتعالى، وربما هناك من يتمنى ولا يجتهد بطلبها، فالفقير يتمنى أن يكون غنيًا، وإنسان آخر يريد المال والبنين معًا، وآخر يريد سيارة وبيتًا، وآخر يريد أن يكون عالمًا أو ذا منصب، وربما هناك من يريد الهجرة إلى أوربا لبدء حياة جديدة.. إلخ، وهنا يأتي معترِض ويقول: وما المشكلة بالتمني؟ هل حتى الأحلام والتمني مُحرمان؟ هنا تكمن الإشكالية، إذ إن التمني ليس بحرام، لكن الأمر متعلق بالنفس ورضاها من قضاء الله وقدره، وهذا مناط حديثنا.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
إن للنفس عيوباً كثيرة، ومن ضمنا الإكثار من التمني، وهنا نقصد التمني الذي يضرها، أي التمني الخاطئ، وهو الذي يحمل الاعتراض على حكم الله وقضائه وقدره، إذ ربما لا يُدرك الإنسان المتمني سُؤله، فتراه يسخط ويعترض على حكم الله، وربما يبدأ بالمقارنة أن فلانًا أُعطِي ما يريد ولا يوجد لديه ما يملكه هو من مقومات..إلخ، وبالمقابل ثمة من يتمنى ولا يُؤتَى مراده لكنه يحمد الله على حكمه وقضائه وقدره، متمثلًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ” رواه مسلم.
وانطلاقًا من الحديث السابق، يتوضح لنا علاج التمني الخاطئ الذي تقع فيه النفس أحيانًا، وهو الخيرية الدائمة التي تأتي من التسليم لأمر الله، إذ لا يدري الإنسان المؤمن أين الخير، ولا يدري ماذا خلف التمني، لذلك دأبه التسليم لأمر الله وعدم السخط في التمني سواء قضاه الله له أم يقضه، وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم “إِذا تمنى أحدكُم فَلْينْظر مَا يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته”.
ويقول الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه… تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
جامعة حلب تستعد لإطلاق المؤتمر العلمي الأول برعاية مؤسسة مداد
نعم فكما أن الرياح مسخَّرة بأمر ربها، كذلك الإنسان مُسيَّر بأمر الله وعليه التسليم والحمد على السراء والضراء.
وأخيرًا الأماني مرتبطة بقضاء الله وقدره كما تقدم، وعلى الإنسان التسليم لأمر الله كون الإيمان بقضاء الله وقدره من أركان الإيمان لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره”. اللهم اجعل نفوسنا راضية مطمئنة تتمنى الخير لنفسها والناس أجمعين والحمد لله رب العالمين.