درعا.. للحلم بقية

غسان الجمعة

3 1٬810

 

 

 

تعيش درعا أيامًا صعبة بعد أن قرر نظام الأسد إخضاعها عسكريًا بالحديد والنار كما باقي مناطق التهجير، ولتبرير الهجوم عليها تذرع بكل ما يحفظ وجهه أمام روسيا التي أبرمت اتفاق درعا وأرست ما سمته بنظام التسوية، وحافظت فيه على السلاح الخفيف للفصائل، ودمجت بعضها تحت مسمى الفيلق الخامس.

السلطة التي فرضها الأسد في درعا تحت العين الروسية ممثلة بمظاهر عودة المؤسسات ورفع علم النظام السوري فوق مباني ودوائر الدولة لم تحقق ما يصبو إليه من رغبة في معاقبة مهد الثورة من خلال إطلاق العنان لأجهزة مخابراته وشبحيته لإذلال أهلها ومحاسبة شبانها وكل من دعم ثورتها.

وحتى اليوم لا تزال الضبابية هي عنوان ما ستؤول إليه مجريات الأمور في درعا، والعاطفة التي ندعم بها أهلنا لا تجدي لهم نفعًا على أرض الواقع إن لم نسعَ لمساندتهم من هذا المنطلق نفسه (الواقع)، لا سيما أن لروسيا اليد العليا في الجنوب السوري، والمشهد على تعقيده هي من تستطيع إعادة ترتيبه في اللحظة التي تريد.

لذلك فإن السياسة الواقعية تفترض منّا بحث مساندتهم بالطرق التي هم يريدونها وبالمطالب التي هم يحتاجونها، أما سقف الأحلام لدى البعض خارج درعا فعليه أن يكبحه بمحاكاة عقلية للمشهد في درعا الصامدة، وقد وضع أهلها لبنته الأساسية بتشكيل وفد واحد عن المناطق الثائرة (للتفاوض) مع النظام وروسيا التي رفضت معاملتهم مثل مناطق التهجير السابقة حسب تسريبات إعلامية بأن يخرج من يريد باتجاه الشمال السوري وفي ذلك مغزى ومعنى كبيرًا.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا 

يبقى الثابت في هذه الأحداث أن روسيا حتى ساعة كتابة هذا المقال لقَّنت النظام السوري وإيران درسًا قاسيًا بأن كونت لهما صورة عن حجمهما الحقيقي في ملف الجنوب السوري خاصة، والمشهد السوري عمومًا، وعادت بالنظام السوري لأيامه التي كان فيها يتوسل من خلال سليماني موسكو للتدخل.

فالصمت الروسي والتعامي عن اجتثاث عشرات النقاط الأمنية والعسكرية في ظرف 48 ساعة ليس صدفة، بل هو عن قصد، وبعض المجموعات التي رفعت السلاح ترتبط بشكل أو بآخر بمجموعات الفيلق الخامس الذي يقوده أحمد العودة.

اقرأ أيضاً: عمر رحمون يتحدث عن عملية عسكرية لنظام الأسد

أما الأشياء الأخرى التي باتت أكثر وضوحًا فهي رسالة موسكو لتل أبيب وإيران بأن الجنوب السوري لايزال شائكًا على وطء أقدام أي أحد، ومن الممكن أن تختل الموازين في ليلة وضحاها وليس بعيدًا عن هذا المشهد الملك الأردني الذي ربما أدار ملف فتح المعابر مع النظام السوري في زيارته الأخيرة لبايدن من بوابة القمة العربية الأخيرة بين (العراق، ومصر، والأردن) وهو ما يعني تحديًا لروسيا بشكل أو بآخر، وإلى الآن لم تُعلّق على قطع طريق عمان دمشق من قبل أهالي درعا.

وتبقى الحقيقة الأهم، وإن كانت عميقة في دلالتها وبعيدة في أثرها، هي أن النظام السوري وأجهزته الأمنية باتوا مدركين اليوم أكثر من ذي قبل أنه من الممكن القضاء على ثائر، لكن لا يمكن وأد ثورة.

عرض التعليقات (3)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط