صحيفة حبر تلتقي السفير السوري في قطر الدكتور بلال تركية

عبد الملك قرة محمد

797

أجرت صحيفة حبر حواراً مع الدكتور بلال تركية السفير السوري في دولة قطر الذي يدير السفارة الوحيدة التابعة للائتلاف السوري ودار الحوار حول موضوعات مختلفة منها الموقف القطري حيال سورية والتطبيع العربي مع نظام الأسد ودور السفارة في خدمة السوريين وتمثيل القضية السورية في قطر.

 

– كيف ترون الموقف القطري حيال التطبيع مع نظام الأسد؟

قال الدكتور بلال تركية إن موقف دولة قطر من قضية الشعب السوري موقف ثابت مستند على الأخلاق والمبادئ، وملتزم بالقرارات الدولية في هذا الخصوص، حيث يعيد مسؤولو دولة قطر التأكيد في كل مناسبة أنه لا يمكن القبول بحلول تتجاوز تضحيات الشعب السوري ولا تحقق تطلعاته المشروعة في الحرية والكرامة، كما أنه لا يمكن القبول بالافلات من العقاب وتجاوز الجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات القانون الدولي التي قام بها النظام في سوريا. وعلى الرغم من ذلك، فإن حرص دولة قطر على وحدة الصف العربي، ظهر في عدم رغبتها بتعطيل قرارات جامعة الدول العربية أو ممانعة ما يتم التوافق عليه ضمن الجامعة، ولكن في نفس الوقت تم التأكيد على أن موقف دولة قطر السيادي لن يتأثر بموقف الجامعة العربية وأنها بعيدة كل البعد على التطبيع الثنائي، أي بين دولة قطر والنظام في سوريا. وعلى الرغم من محاولات النظام المستميتة في استعادة العلاقة مع قطر عبر العديد من المحاولات وارسال الرسائل المباشرة وغير المباشرة، فإن النظام المجرم لا يمكن أن يجد وسائل قادرة على غسل أيديه من الدماء.

 

– ما دوركم كسفارة في مساعدة السوريين في قطر وما أهم الخدمات التي توفرونها؟

إن السفارة السورية في دولة قطر تقوم بدورها كبعثة دبلوماسية كاملة الصلاحيات عبر العديد من الأدوار الخدمية والدبلوماسية. ففي الجانب الخدمي تقدم السفارة السورية كافة الخدمات القنصلية من تصديق للوثائق مثل الشهادات العملية والوثائق المدنية (إخراج قيد، شهادة ولادة، … الخ)، كما تقوم السفارة بإصدار الوثائق التي يحتاجها المواطنون السوريون المقيمون والزائرون في دولة قطر، بما عدا إصدار جواز السفر.

 

ولدى السفارة السورية أيضاً قسم استشارات قانونية يقوم بمساعدة العديد من أبناء الجالية السورية عبر تقديم الاستشارات القانونية والنصائح حول تسيير أمورهم القانونية في الدولة، ويقوم أيضا بتقديم طلبات المساعدة للحالات لبعض المواطنين الذين يمرون بحالات خاصة، ويتم ذلك عبر مخاطبة الجهات المعنية في دولة قطر والسعي لترتيب أوضاعهم القانونية بالشكل السليم.

كما تتضمن السفارة في الجانب الخدمي مكتبي التعليم والحج، وبحسب ما يدل اسمهما، فإن مكتب التعليم في السفارة السورية في قطر يهتم بضمان حصول كافة أبناء الجالية السورية على فرصتهم في التعليم، إما عبر تسجيلهم في المدرسة السورية في دولة قطر، والتي تشرف السفارة على أداءها، أو من خلال التواصل مع الأطراف المعنية في دولة قطر لتأمين مقاعد دراسة إما في المدارس الحكومية أو مدارس الجاليات الأخرى أو المدارس التي تشرف عليها مؤسسة التعليم فوق الجميع والتي تعنى بتعليم الأطفال حول العالم.

وختاماً للجانب الخدمي، فإن السفارة السورية تشرف على تنظيم مجلس الجالية السورية والذي يجري تشكيله عبر انتخابات تُجرى بشكل دوري يختار من خلالها أبناء الجالية ممثلوه في المجلس، ويقوم مجلس الجالية بإقامة العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية والخيرية، والتي تتم بتنسيق مع السفارة، كما يشرف مجلس الجالية السورية في دولة قطر على تشكيل الروابط العلمية والمهنية، ومنهما الرابطة الطبية السورية في دولة قطر، ورابطة المهندسين السوريين في دولة قطر.

– كيف تمثل السفارة القضية السورية في قطر؟

من الناحية الدبلوماسية، فإن السفارة السورية تقوم بتمثيل مصالح الشعب السوري في الدولة، وتعمل على دعم وتمتين العلاقة بين سوريا وقطر، والشعبين السوري والقطري، وتعمل على تحقيق ذلك من خلال التواصل الفعال والمستمر مع المسؤولين في دولة قطر وتحرص على تطوير العلاقات الثنائية بالإضافة الى تمتين العلاقات مع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة قطر بما يخدم اهداف شعبنا وثورتنا في الحرية والكرامة . كما يشارك دبلوماسيو السفارة في كافة الأنشطة الدبلوماسية المقامة في الدولة بما في ذلك المؤتمرات والمنتديات الدولية، ويقوم الدبلوماسيون من خلال هذه الأنشطة بالتعريف المستمر والدائم بالقضية السورية ومطالب الشعب السوري، وإيضاح الكثير من المغالطات التي يقوم النظام ببثها سعياً لتحسين صورته المقيتة في أوساط المجتمع الدولي. كما تقوم السفارة السورية بإقامة العديد من الأنشطة السياسية والثقافية التي تقوم على إيصال صوت الشعب السوري وقضاياه العادلة وبعده الحضاري والتاريخي إلى باقي شعوب العالم.

وربما لا يمكن تلخيص دور السفارة التي تعمل لأكثر من 10 أعوام في عدة أسطر، إلا أننا ندعو قراء صحيفتكم لمتابعة حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي والاطلاع على أعمالنا باستمرار، ونرحب بأي تغذية راجعة عبر كافة وسائل الاتصال المتاحة.

 

– قمتم خلال الفترة الأخيرة بالعديد من النشاطات الثقافية وغيرها هل يمكن ذكر بعضها؟ وما دورها في دمج السوريين في قطر والتقارب بين السكان المحليين والسوريين؟

حرصت السفارة السورية منذ افتتاحها على دعم كافة المبادرات السورية، والمشاركة في كافة الأنشطة والفعاليات السياسية والثقافية والاقتصادية التي من شأنها ابراز الحضارة السورية العريقة، وتصدير النجاحات والإنجازات السورية المشرقة، رغم ما يمر السوريون به من ظروف صعبة، إلا أن سوريا بلد عريق تمتد حضارته لآلاف السنين، كما أن الشعب السوري صاحب إبداع وتميز في جميع المجالات، وكان من واجبنا تسليط الضوء عليه.

وفيما يخص الأنشطة الثقافية، فلدينا تعاون وثيق، وعلاقات طيبة، مع المؤسسات الثقافية في دولة قطر على رأسها المؤسسة العامة للحي الثقافي ” كتارا” وهي من الجهات الثقافية الرائدة على مستوى المنطقة وتعد الحاضنة الأكبر لأضخم الفعاليات الثقافية والمعارض والندوات الشعرية والأدبية. وقد أقمنا معها عدة معارض لفنانين وفنانات سوريات، منها معرض “دمشق درة الشرق” ومعرض “قطر بعدسات سورية” وإقامة عرض “أوكسترا ياسمين الشام” الذي يعد الأضخم على مستوى الفعاليات السورية، وكان آخر الأنشطة هو تدشين لوحة جدارية في الحيّ الثقافي كتارا بعنوان “نحو الهدف” من رسم الفنانة السورية منتهى سلات، وذلك تزامنا مع احتضان الدوحة لكأس العالم. وفي منحى آخر، تشارك السفارة سنوياً في معرض الدوحة الدولي للكتاب، حيث تستضيف السفارة كتابا وأدباء سوريين وتقوم بعرض آخر إنتاجاتهم الأدبية.

وتزامناً مع كأس العالم في نهاية العام الماضي، أقامت السفارة السورية بالتعاون مع الجالية السورية في دولة قطر يوماً للتعريف بالثقافة السورية، عرضت فيه نماذج من الفنّ السوري في العزف والغناء والتواشيح الدينية، بالإضافة إلى الرسم والمشغولات اليدوية مثل الكروشيه والمخرز، وغطّى تلفزيون سوريا الفعالية. كما قامت كل من السفارة السورية في قطر والجالية السورية في قطر بإهداء أغانٍ لدولة قطر بمناسبة المونديال، قدمها كل من المنشد المعروف يحيى حوى والشاب السوري المقيم في الداخل إبراهيم طرشة، وكان لهذه الأغاني الأثر الكبير لدى أهل قطر، وتمت استضافة ممثلين عن الجالية السورية على القناة الرسمية للحديث عن هذه المساهمة.

ومؤخراً استضافت السفارة خطاطاً سوريا قام بكتابة المصحف الشريف بخطّ يده واستغرق إنجازه عاماً كاملاً وتم إهداء هذا المصحف إلى صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بالتعاون مع وزارة الثقافة القطرية. ويتم التحضير حالياً لإقامة معرض للخط العربي لخطاطين سورين آخرين أيضاً.

كما تفخر السفارة السورية بتكريم المتفوقين السوريين في مختلف المجالات الثقافية، حيث قمنا مؤخراً بتكريم الشاعر عمر هزاع الحاصل على المركز الثاني في جائرة كتارا للشعر العربي، كما تم تكريم عدد من الشعراء والأدباء في الأعوام الماضية منهم الأديبة السورية ابتسام شاكوش.

كما يتم تقديم العديد من العروض الثقافية بالتزامن مع إحياء ذكرى انطلاقة الثورة السورية عن طريق مسرحيات من إنتاج طلاب المدرسة السورية، كان آخرها مسرحية (رح نعمرها)، بالإضافة إلى معارض فنية ترافق الفعالية الرسمية لذكرى الثورة، وكان آخرها معرض (شبابيك من سوريا) والتي جاءت بشكل شبابيك عتيقة تضم في داخلها لوحات زيتية لحارات سورية تقليدية، بحيث يشعر الزائر وهو ينظر إليها لكأنما يطلّ من تلك النافذة إلى عمق الأزقة المدن السورية المتنوعة.

وتسهم هذه الأنشطة بالإضافة إلى مشاركة أبناء الجالية السورية في دولة قطر ضمن الفعاليات الثقافية في قطر بالتعريف بالموروث السوري خاصة للجاليات العربية والأجنبية المقيمة في دولة قطر، وابراز الجانب الحضاري لسوريا والذي عمل نظام الأسد على تدميره وسعى إلى اختزاله ضمن فترة حكم عائلته، ثم عمد إلى تشويه صورة سوريا من خلال حربه الهمجية التي شنها ضد الشعب السوري، ولذلك نسعى للقيام بدورنا في تغيير هذه النظرة القاصرة لسوريا، والتأكيد على أن سوريا كانت ومازالت أرض للسلام والتعايش بين جميع الأطياف وتمتاز بالإرث والحضارة الغنية عبر العصور.

 

– كيف تنظر السفارة كممثلة للائتلاف إلى خطوات التطبيع مع الأسد وما التحركات التي قمتم بها حيال ذلك؟

إن سفارة سوريا في دولة قطر والتي تعنى بمصالح الشعب السوري، تتفق في مواقفها مع مواقف أهلنا في الداخل السوري وفي بلدان التهجير. ولابد بداية أن نذكر بتقديرنا لمواقف الحكومات والشعوب العربية التي وقفت إلى جانب الشعب السوري طيلة 12 عاماً وساندت مطالبه المحقة، وأننا تطلعنا دوماً إلى دور عربي متقدم في القضية السورية، وتفهمنا لمقاربات الحل التي يتم طرحها على الساحة العربية، إلا أننا نؤكد أنه لا يمكن تحصيل أي تقدم في الملف السوري من خلال التطبيع مع النظام المجرم في دمشق، والذي دأب خلال السنوات الماضية على عرقلة أي مبادرة سياسية وقام بشكل متعمد على الإضرار بالمصالح العربية ولا يزال مستمراً في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، ولا سيما من خلال الإشراف بصورة مباشرة على إنتاج وتهريب المخدرات، والسماح بتغلغل الميليشيا المعادية للمجموعة العربية على الحدود الأردنية.

ولا يمكن بحال من الأحوال العمل على مشاريع جادة لتأمين عودة اللاجئين إلى سوريا، والذي فروا بادئ ذي بدء من قصف قوات النظام وبطش الأجهزة الأمنية وتسلط الشبيحة وعصابات الخطف، في ظل وجود هذا النظام على رأس السلطة في سوريا، والذي ما تزال أقبية سجونه تمتلئ بآهات المظلومين المعذبين والذي يرفض حتى الاعتراف بوجودهم لديه. لهذا كله فإننا نتطلع إلى العمل مع الشركاء العرب في صياغة حلول سياسية واقعية قابلة للتطبيق وتضمن الأمن والاستقرار السوري والاقيليمي. ولابد أخيراً إلى التنويه إلى أن الشعب السوري والذي أطلق صرخته في وجه الظلم والقهر، قد بذل ثمناً غاليا في سبيل نيل حرية واستعادة كرامته، وأن الشعب السوري ماض في طريقه ولا يمكن ثنيه عن ذلك، فهذا عهدنا لتضحيات الشعب والتي لا يمكن التفريط بها بأي ثمن.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط