درعا إلى الواجهة من جديد

0 2٬271

علاء العلي

تعود محافظة درعا من جديد لتتصدر المشهد الميداني السوري منذ شهر، عودة يرافقها صخب عسكري ممزوج بالسياسة، ذات الأطراف الداخلية والدولية التي تفاوضت عام 2018 بعد اتفاق المصالحات الذي رعته روسيا والولايات المتحدة والأردن الجارة الجنوبية وإسرائيل بطبيعة الحال.

تجميد الجبهات والمحاور الشمالية الغربية والشرقية من سورية بطَّأ من احتمالية الاشتباكات توفر العنصر الدولي، وترك الطريق نحو درعا مفتوحًا لتعديل شروط الاتفاق من جديد، شروط يضعها النظام السوري بسحب جميع السلاح الفردي الخفيف والمتوسط وبقايا الثقيل، ونشر حواجز تتبع للفرقة الرابعة ومن خلفها عناصر إيرانية كقوات (غيث، والرضوان).

صحيفة حبر تحاور السيد سالم المسلط رئيس الائتلاف الوطني

لربما كانت درعا في هذه المرحلة مختلفة عن سابقها، فاللواء الثامن التابع للفيلق الخامس بقيادة أحمد العودة المشكَّل من عناصر المصالحات من أهل درعا، الذي تشرف عليه روسيا،  كان له رأي مخالف لتوجه قوات النظام، حيث يعتمد اللواء السابق في تحركاته على ما تمليه اللجان المركزية لأهل درعا، ويمتلك مرونة تفاوضية بالتنسيق مع روسيا، أكسبه بُعدًا سياسيًا محرجًا بشكل كبير للموقف الروسي الذي ترعرع تحت سيطرته، يواجه اللواء طموح النظام السوري مدفوعًا برغبة إيرانية بتكثيف جهود توسيع مناطق النفوذ في حوران والسيطرة على الحدود الأردنية، والوصول إلى حدود فلسطين المحتلة، وفرض شروط تفاوضية أقسى على الرباعية الدولية ومجموعات فيينا المفاوضة معها في ملفها الدولي.

الطموحات الإيرانية تسبب ضعفًا للموقف الروسي الذي يقف أمام التزامات دولية مع الكيان الصهيوني والأردن بمنع موجات نزوح جديدة تسبب خلخلة أمنية بحكم وضع الأردن العشائري والوضع الاقتصادي المنهك لهذا البلد، وكذلك منع وصول التهديدات الإيرانية في سياق لعبة المقاومة وتوريط الجغرافيا للشرق الأوسط في نزاعات والدخول بتحديثات مرحلية لقواعد الاشتباك تصعد حالة التوتر كما يحدث في لبنان تمامًا.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

قوة الترابط الاجتماعي بين أهالي حوران، يفرض بمعادلات سياسية جديدة، تفرض حلولها مدعومة بمحيط يتفق معها في هذا التوجه، أضف إلى ذلك أن نسخة اللواء الثامن نسخة مفضلة لدى الروس، حققت أنموذجًا من الأمن يروق لروسيا اللاهثة لتحقيق الاستقرار بغطاء شبه حكومة كما في حالة اللواء، وهذا ما يدعو روسيا لإجراء مقاربات أكثر واقعية، لا تتخلى بموجبها عن هذا التشكيل العسكري، وتستخدمه لمناهضة أي توغل للميلشيات الإيرانية غير المتوافقة مع اتفاقات الروس مع دول الاقليم و تفاهماتها مع الأمريكيين .

روسيا التي جمدت الجبهات الشمالية الغربية بعد أسابيع دموية تعطي مؤشرات لأهمية تطورات الجنوب، وترتب أولوياتها ، فجبهة حوران ذات بعد دولي حساس جدًا ، تنتفي فيه كل مبررات النظام الساعي لتوسعة نفوذ الإيرانيين على حسابهم، الأمر الذي يتطلب جهودًا تفاوضية شاقة بين الأطراف المتصارعة، وهذا ما دأبت عليه روسيا من خلال تصريحاتها المتلاحقة، بدءًا من التحذير بعدم تقديم أي إسناد جوي لحليفها و ميلشياته المساندة، وليس انتهاءً بتقريب وجهات النظر بين النظام والأهالي، لكن ذلك يحدث تحت النار دون ضغط حقيقي منها على هذه التشكيلات المنتشرة حديثًا حول بلدات درعا والمخالفة لنص اتفاق المصالحة الذي رعته .

 

إسرائيل التي تقاوم تموضعات ميلشيات إيران على كامل الجغرافيا السورية، لا يبدو أنها ستقبل بتموضعات جديدة، لذلك ربما ستشهد هذه المنطقة تكثيف هجمات لمقاتلات إسرائيلية، وبالرغم من كل ذلك فان تغيرًا ديمغرافيًا واضحًا بات يحدث هناك، وسط تهجير واضح لسكان درعا المحليين، واستبدالهم بحزام شيعي، يحكم الطوق على مداخل الأردن النافذة نحو الخليج، وهو أمر سيخلف آثارًا تدميرية على الطبيعة السكانية في الجنوب.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط