صورة المصعد، أو صور المرايا، لماذا يحب الشباب والشابات هذا النوع من الصور؟!

أحمد وديع العبسي

863

كثيراً ما تصادفني على مواقع التواصل الاجتماعي صور للأصدقاء في المصعد، بشكل متكرر وشبه يومي عند بعضهم وبشكل متقطع أحياناً عند البعض الآخر، حاولت تجربة الأمر أكثر من مرة فلم أوفق في التقاط الصورة، لم أشعر أني امتلك تلك الكاريزما المصعدية التي تجعلني أتحكم بالتقاط صورة أمام مرآة وفي وقت مبكر غالباً تكون فيه عيني ما زالتا مغمضتين تقريباً، غير ذلك اكتشفت أني احتاج مصعد بغرفة واسعة لكي تنجح هذه الصورة، المصاعد الصغيرة في مبنى بيتي أو عملي لا تفي بالغرض. لذلك قررت أنني سأكتفي بصور (السلفي) التي أتقن فيها إخفاء حجم أنفي نسبياً …

أمام فشلي المتواصل وعدم قدرتي على عيش هذا الشعور، وفضولي لمعرفته، قررت أن أسأل معظم الشباب والشابات الذين أعرفهم عن الأمر، خاصة مع تكرار هذه الصور في أماكن كثيرة وعند أناس كثر، بما يشبه تحوّلها لظاهرة فوتوغرافية، فعندما أسأل بعض الأصدقاء يؤكدون لي أن الأمر منتشر بشكل كبير في محيطهم أيضاً، وليس في محيط معارفي المحدود.

حصلت على حوالي خمسٍ وعشرين إجابة على فترة امتدت قرابة شهر من التطفل، وشهرين لإيجاد الوقت المناسب لكتابة هذه المقالة، في خضم الانشغال الكبير بالأحداث حولي وفي متابعة الأخبار، …

معظم الإجابات كان لها بُعد نفسي لم أكن أتوقعه، تم التعبير عنه بالثقة بالنفس، “صورة صباحية تعطيك بدء يوم جديد، وتمنحك ثقة بنفسك وبمظهرك الخارجي الذي ستقابل به الناس، خاصة أنها تظهرك بشكلك الكامل على عكس السلفي التي يظهر بها الوجه فقط” بعبارة قريبة من هذه الكلمات جاءت الكثير من الإجابات، أضاف بعضهم “محاولة في بداية اليوم لترى نفسك، كيف سأبدو في أعين الآخرين، كيف سيكون مظهري أمامهم، هل تناسق ألوان ما أرتديه من ملابس يبدو جميلاً؟ هذه الصورة تعطي إجابات كثيرة حول هذه الأمور”

إحداهن قالت أنها لا تستطيع أن تتعامل مع الكاميرا بشكل جيد عندما تلتقط الصور بمساعدة شخص آخر، وهي تحب التقاط الصور، فترى صور المصعد أو المرايا بديلاً عن صور السلفي من باب التنوع، ومن باب المقارنة أيضاً، فهذه الصور تمنحك ألبوماً شخصياً تستطيع أن تقارن به أناقتك وظهورك بين يوم وآخر، وبين فترة وأخرى، وتعرف أي الأشكال والملابس والألوان التي بدوت فيها أكثر أناقة من سواها فتعمل على تكرارها، وتُحسّن الأخرى. يعني استثمار في الشكل الخارجي، خاصة أنها لا تركز فقط على ملامح الشخص، وإنما على شكله العام.

أحدهم أخبرني أن مرآة المصعد هي من يحفزه على الصورة، على مبدأ (عجبني حالي بالمراية ليش ما آخدلو صورة) فهذا الأمر ليس دائم، أحيانا لا يعجبني كثيراً مظهري فلا ألتقط هذه الصورة، وأحيانا تكون متعلقة بشكل جديد، لباس لأول مرة، وعند تكرار ذلك لا أقوم بالتقاط صورة، وهي متعلقة أحياناً بهوس النشر على السوشيال ميديا، وتعطي طاقة إيجابية بإعجاب الآخرين بها.

آخرون قالوا أنها عادة وتشبه فنجان القهوة الصباحي، وذكروا أسباب مشابهة لما ذكر سابقاً، بالإضافة لأنها تعطيهم مجالاً ليراقبوا تغيّرهم على مرّ الأيام، أو مراقبة من يهتم بهم وبهذه الصور يومياً ويحرص على مشاهدتها والتفاعل معها، خاصة من الأصدقاء المقربين، أو في العلاقات العاطفية، فهي تمثل صباح الخير للطرف الآخر.

ومنهم من قال أنّها تعبر عن الحركة والانطلاق والإيجابية، بداية الذهاب للعمل أو للجامعة. وهي مرتبطة عندهم بالحديث عن اليوميات ومشاركتها، فأنسب صورة للحديث عن اليوميات هي صورة من المصعد أو من الشارع، ويتم سرد بعض اليوميات من خلال الكتابة على الصورة، وأحياناً تكون من أجل تأريخ يوم معين وحدث معين سيحصل في هذا اليوم، فيبدأ اليوم بصورة صباحية تعطي شعوراً ببداية اليوم. والمهم فيها أنك تكون وحدك، لا يوجد من يراقبك في المصعد، لذلك تكون مرتاحاً وأنت تصور نفسك وتبدل الأوضاع لتحصل على أفضل صورة وأفضل إطلالة لا يوجد من تشعر أمامه بالحرج وأنت تأخذ الصور، تراقب نفسك بانتباه …

وفي آخر المشاركات التي تختلف قليلاً عن السياق العام الذي تم الحديث عنه، أصرت إحداهن أن هذه الصور في المصعد ليست نوع من التكرار الروتيني، وإنما تشكل بداية جديدة يومياً، نتشاركها مع أصدقائنا ومن نحبهم، نشاركهم ما نراه فينا جميلاً منذ الصباح، الأناقة، الحيوية، الابتسامة، فنحن مجتمع جديد على السوشال ميديا، ونحب أن نتشارك فيه كل شيء نقدر عليه، لكي نوسع هذا المجتمع الجديد.

بالنسبة لي استطعت أن أفهم قليلاً هذه الظاهرة، مع استمرار فشلي في أن أعيش ذلك الشعور، ولكن أعتقد أن هذا ليس كل شيء، بالتأكيد هناك الكثير من الإجابات والانطباعات عند القراء حول هذا الموضوع، ما رأيكم، شاركونا في التعليقات …

والسلام …

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط