أسباب تراجع دباغة الجلود في الشمال السوري وآثارها

حسن كنهر الحسين

حسن كنهر الحسين

 

تراجعت مهنة دباغة الجلود التي تشتهر بها بعض المدن والقرى في ريف إدلب وبالأخص مدينة (معرة النعمان) بشكل كبير على مدار الأعوام الخمسة الماضية.

(محمود تعتاع) من ريف معرة النعمان الغربي صاحب مدبغة جلود في معرة النعمان، يسرد لنا مجمل الصعوبات التي أدت إلى تراجع تلك المهنة على مدار الأعوام الخمسة الماضية قائلًا:

“أول مشكلة أدت إلى تراجع مهنة دباغة الجلود مشكلة القصف الذي تعرضت له المدينة بشكل يومي فأغلق العديد من أصحاب المدابغ دباغاتهم وهم من العوائل التي توارثت المهنة، ومنهم من نقلوا أعمالهم إلى تركيا أو دولة أخرى أكثر أمنًا وأوسع تصريفًا، وقد تبع تلك المشكلة قلة عدد الجلود في الشمال المحرر نتيجة ارتفاع سعر اللحوم الذي يقلل من الذبح اليومي، إضافة إلى صعوبة وصول الجلود من مناطق النظام نتيجة إغلاق المعابر، حيث كنا نقوم بشحن مئات الجلود بشكل يومي من المحافظات المجاورة، يضاف إلى ذلك إغلاق المعابر وتوقف حركة التصدير، حيث كنا نقوم بشحن الجلود المدبوغة إلى المعامل الصناعية في حلب تمهيدًا لإعادة هيكلتها أو تصنيعها إلى فرى وتصديرها لدول الخليج العربي وإيطاليا وتركيا”.

يقول العاملون في دباغة الجلود: إن قلة عدد الجلود أدى إلى مضاعفة سعرها، حيث كان يتم شراء تلك الجلود مقابل مبلغ يتراوح بين الـ500 والـ 1000 ل.س للجلد الواحد، أما الآن فقد تجاوز سعر الجلد الواحد 5500ل.س، فضلاً عن ارتفاع سعر المواد المستخدمة في الدباغة وانقطاع غالبيتها عن السوق المحلي نتيجة إدراجها ضمن المواد التي يمنع إدخالها الى الشمال السوري كونها مواد تدخل في صناعة الأسلحة، ومجملها مواد مستوردة من الصين وإيطاليا ومسعَّرة بالدولار، مثل مادة (سلفيد الصوديوم) المعروف باسم الزرنيخ أو ما يسميه الدبَّاغة بـ”الشبي” وزيوت الدباغة وكروم الميتان والصباغ، ومع انقطاعها ارتفع سعرها لأكثر من عشرة أضعاف، حيث يساوي كيس الشبي الذي يعدُّ مادة أساسية في دباغة الجلود 400ل.ت بحسب العاملين في تلك المهنة.

انخفاض عدد المدابغ وغلاء أسعار المواد أدى إلى ارتفاع أسعار منتجات الصوف الحالية في الشمال السوري كـ “بسط الصوف” و”العباءات الرجالية” وفقدان بعضها نتيجة فقدان المعامل المختصة بتلك الصناعة وغيرها، وذلك ما دفع العديد من الأهالي إلى اللجوء لاقتناء المنتجات الصناعية بدلًا من منتجات الصوف غالية الثمن، لا سيما مع إقبال فصل الشتاء حيث يتزايد الإقبال على تلك المنتجات.

وبحسب (أحمد سلوم) أحد الباعة المختصين ببيع المنتجات الصوفية المختلطة ” يختلف سعر عباءة الصوف تبعًا لنوعية جلد الصوف المبطنة فيه حيث تتراوح أسعارها حاليا بين الـ600ل.ت و1900ل.ت وغالبيتها يتم تهريبها إلى تركيا تمهيدًا لتصديرها، كذلك الأمر بالنسبة إلى جلود الصوف المدبوغة التي تتراوح أسعارها بين الـ50ل.ت  والـ 90ل.ت، تبعًا لحجم الواحد منها، أما العباءات الصناعية فيتراوح سعر الواحدة بين 120ل.ت و150ل.ت، كذلك البسط الصناعية يتراوح سعرها بين 15ل.ت و30 ل.ت، وذلك تبعًا لجودتها وحجمها، الأمر الذي يدفع بالكثيرين إلى اللجوء للمنتجات الصناعية كبديل عن منتجات الصوف تفاديًا لسعرها المرتفع”.

تمرُّ الجلود التي يتم إنتاجها في تلك المدابغ على عشرة مراحل تبدأ بإزالة السنيات والزوائد اللحمية، ومن ثم يتم مسح الجلد بالملح الذي يبقى لعدة أيام وتكرار الحالة لعدة مرات، ومن ثم غسله بالماء والملح ونفضه، وتنتهي تلك المراحل بمسحه بمواد كيماوية، ومن ثمّ يُغطى الجلد بالورق لمدة شهر كامل، وتُكرّر هذه العمليّة على مراحل لثلاث مرّاتٍ، وبعدها يتمّ غسل الجلد وتنشيفه ليصبح صالحًا للاستعمال.

إدلبحسن كنهر الحسيندباغو الجلودسوريامهنة الدباغة