التيارات النسويّة في الصيف .. المكيّفات متحيِّزة! وأبعاد جديدة للتطرف

أحمد وديع العبسي

1٬005

بصراحة .. لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحدّ، ولكن يبدو أن التطرف النسوي آخذ بالاتجاه نحو أبعاد لا يمكننا تصورها نحن في المجتمعات الشرقية المحافظة وحتى غير المحافظة، هناك توجهات حمقاء لدرجة أنه لا يمكن للبشر الأسوياء فهمها، إنّها تحتاج قدر كبير من التطرف والشذوذ لمجاراتها، … والحمد لله ما زلنا في الشرق عموماً وفي البلاد الإسلامية بشكل خاص بعيدين بما يكفي عن هذا الهراء الذي يتم تداوله في الغرب.

شاهدتُ منذ لحظات فيديو يعرض نقاشات على وسائل إعلامية مهمّة في الغرب تتهم فيها نسويات بكل جدّية المكيّفات بأنها متحيّزة للرجال!!، وبأنها دائماً تُضبط في أماكن العمل بشكل يناسب الرجال بينما تشعر النسويات (المسكينات والمضطهدات) بالبرد الشديد مما يجبرهم أحيانا على إحضار ملابس إضافية معهنّ لارتدائها في أماكن العمل.

كان النقاش حول هذه النقطة الحمقاء جدّيّا بين المذيعة وضيفتها، ووصلوا إلى اقتراح لإنصاف النسويات يقتضي أن يرتدي الرجال ثياب قصيرة وخفيفة من أجل إعادة ضبط المكيّفات بشكل يلائم المرأة التي تحب أن تظهر شبه عارية في (أماكن العمل)!!! فمن حقّها أن لا تجبر على ارتداء المزيد من الملابس، بينما يجب إجبار الرجل (الظالم والمتوحش) على خلع ملابسه والتعرّي، …

من البديهي حضور أكثر من مشكلة في هذا الطرح .. أحدها أنه غير قائم على الانصاف فهو ظلم لإرادة الرجال في اللباس، والثاني المهم أيضاً، هو تخيّل المظهر المقرف لرجال شبه عراة يتجولون في مكاتب العمل!، ثمّ هل للمرأة أو للرجل الحق في التعري أثناء العمل؟!! أخيراً ربّما: هل تتوافق التوجهات الجندرية التي تدعمها النسوية بالحديث أكثر عن النساء وحقوق النساء في ظل (عالم الشذوذ) الذي يرى أن هناك أنواع أخرى للبشر يحتاجون الكثير من المناصرة !!! لا سيما أن العديد من الرجال في تلك المجتمعات الشاذة يمكنهم أن يعرفوا أنفسهم كنساء، دون أن يضطروا حتى لحلق شواربهم، فضلاً عن تغيير نمط لباسهم، وفي تلك النقطة بالذات ستصبح النسوية في صراع داخلي بين نساء ونساء نحو الجهات الأكثر تطرّفاً …

طبعاً الأنترنت مليء بالترهات النسوية التي يصعب تعدادها أو حتى الإشارة إليها، وبالإمكان أن تتخيل أي نوع من الحماقات وإضافته للنسوية على محرك البحث غوغل وستصل إلى نتائج مبهرة، نعم، العالم الغربي اليوم مفتوح على مساحات واسعة من الفراغ والتطرف والغباء توازي تقريباً ما يحقّقه من التقدم الحضاري في المجالات التقنية.

النسويات عموماً لا يقبلن أن يمثلهن الغالبية في المجتمع النسائي .. لأنهن يرون أن هذا المجتمع النسائي أحمق ومتهاون في الحقوق وتمّت تربيته بطريقة ذكورية .. لذلك من حق هذه الأقلية الشاذة أن تحكم كل ذلك المجتمع النسائي والرجالي على حد سواء وأن تفرض فهمها ونظرياتها عن دور المرأة ولو باستخدام الاستبداد على المجتمع، وذلك حتى يتحقق الوعي بحقوق المرأة المستلبة!!!!!!!!!

من الحركات التي لفتت نظري أيضاً هو مظاهرات تتبناها مجموعات بشرية من أجل إعلان المساواة بين الحيوانات والبشر، ولا غرابة أن يصل هذا الحراك مستقبلاً إلى مشاركة الحيوانات في تلك المجتمعات بالانتخابات، فيصبح رئيس الدولة فيل أو نعامة، فالمثلية الشاذة وغيرها من التوجهات الجندرية والجنسية المتطرفة بدأت بهذه الطريقة الغريبة والمهينة، … وللأسف لم استطع التوقف طويلاً لأعلم حقيقة هذا المطالبة، هل يريدون رفع الحيوانات إلى مصاف البشر، أم معاملة البشر كالحيوانات والعودة إلى مجتمع الغابة!!! … اعتقد أن الخيار الثاني لمثل هذه التجمعات الشاذة يبدو أكثر سهولة.

في النهاية تمثل الخيارات النسوية والمتطرفة عموماً مجموعات مريضة نفسياً وبيولوجياً من البشر، ولا تمثل الاختيار الحر لمعظم الرجال والنساء حتى في تلك المجتمعات الأكثر جنوناً تجاه فرض هذه الخيارات على أفرادها بالقوة، لأسباب اقتصادية في المقام الأول وأسباب أخرى إيديولوجية عميقة لدى مجموعات بشرية صغيرة تمتلك القوة والنفوذ والإعلام ثانياً.

استطاعت هذه المجموعات عبر عقود متلاحقة من الزمن تكريس هذه الخيارات في المجتمعات الغربية بضغط إعلامي هائل، يرافقه ضغط اقتصادي كبير جعل العديد من المؤسسات الدولية تمنح أموال مجانية وكثيرة فقط لمن يؤيّد ويُسهم في ترسيخ هذه الخيارات ويناصرها، سواء في المجتمعات الغربيّة أو الشرقية، لذلك دائماً ما علينا طرح تساؤل واضح أمام من ينادي بتلك الترهات، وهو (كم تتلقى تمويلاً من أجل ذلك؟) قبل خوض أي نقاش حقيقي معه، لأن الفئات التي تعتاش على هذه المصطلحات لا يمكن أن تخوضَ معها نقاشات حقيقية ومجدية حول مناسبة ذلك لمجتمعاتنا من عدمه، فتلك المصطلحات وما تحمله من إيديولوجيا شاذة ومستبدة تمثل مصادر مالية سهلة لفئات تسعى وراء المال غالباً، والشهرة أحياناً، وهذه الفئات في المجتمعات النامية قد تكون فئات ضعيفة بالأساس وبحاجة للمساعدة، بحاجة للتمويل، وبحاجة للعمل والكسب، …، لذلك فإن ما يتم ممارسته من المنظمات الدولية في مجتمعاتنا من دعم ترسيخ هذه الأفكار، يمثل واحدة من أقذر أدوات الاستغلال للحاجات الإنسانية الأساسية وأقذر أدوات الاستعباد الحديثة التي تُغلف بكثير من (الكول) في التعامل الإتيكيتي الراقي، الذي يربط لك الرسن حول رقبتك مع كمية مغرية من الورود والعطور، ولكنّ الغاية واحدة، يحتاج أن يمتطيك (يركبك) لكي تحمله إلى حيث يريد مقابل القليل من البرسيم والماء. ويبقى القائمون على هذه المنظمات الدولية المموِّلة هم الأكثر استفادة مادياً وإيديولوجيا، بينما يبقى نصيبنا الفتات من كل شيء، إلا من القذارة والشذوذ، فيتاح لنا ما نستطيع حمله منها.

إن الدفاع ضد النسوية والمثلية والشذوذ الجندري والجنسي والتطرف، وعدم التسامح معها هو واجب عميق وأصيل في مجتمعاتنا لا يمكن التخلي عنه أو التهاون تجاهه، لأنه دفاع لصالح هوية المجتمع وعقيدته وانتماءاته الثقافية، وحضارته وتاريخه والمرجعيات المكوّنة له، والتي بدونها لا يبقى أيّ معنى لوجودنا بالمطلق، وهو يَتخذ بُعداً أكثر أهمية ورسوخاً بآلاف المرات من الأبعاد التي قام عليها هذا الهراء المتداول تحت هذه المجموعة المصطلحية الشاذة (النسوية – مجتمع الميم – الجندر …) لذلك من الطبيعي أن ننتصر نحن في النهاية، وأن تذهب هذه المصطلحات وأصحابها إلى المزابل اللائقة بهم والتي تشبه اليوم مدناً مثل … باريس …

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط