المدنيون في الرقة تحت رحمة الأنقاض

قاسم درويش

0 313

 

توالت الرايات التي رُفعت على سارية ساحة المحافظة وسط مدينة الرقة، من النظام إلى فصائل المعارضة إلى داعش، وآخرها أصحاب الراية الصفراء التي تمثل قوات سورية الديمقراطية (قسد).

وتعرضت الرقة لتدمير ممنهج من طيران التحالف، حتى أن بعض الأهالي يشيرون إلى أن تلك العملية كانت ثأرية من قِبل أكراد (قسد)، فكانوا يعطون إحداثيات وهمية لطيران التحالف انتقامًا لعين العرب (كوباني).

وألحقت العمليات العسكرية بين (قسد) ومسلحي تنظيم (داعش)، والضربات الجوية لطائرات التحالف في الرقة عام 2017، أضرارًا بالغة بالبنى التحتية من مستشفيات ومدارس، وشبكات المياه والصرف الصحي، وتدمير الأبنية السكنية بشكل شبه كامل.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام بالضغط هنا

وبحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن طيران التحالف الدولي دمَّر أكثر من 11 ألف مبنى سكنيًا في الرقة، وتشير إحصائيات إلى أن نسبة الدمار الكلي في الرقة تصل إلى ما يقارب 95 بالمئة.

وسبق في نيسان 2017، تأسيس بلدية الرقة المعروفة باسم “بلدية الشعب” التابعة لمجلس الرقة المدني في “عين عيسى” التابع بدوره ‘‘للإدارة الذاتية الكردية’’.

ويعدُّ فريق الاستجابة الأولية الموجود في مدينة الرقة من أهم المؤسسات الموجودة التابعة لمجلس الرقة المدني الذي تمَّ تأسيسه في 9 / 1 / 2018 م.

ومن المفترض أن تعمل هاتين المؤسستين على إزالة الركام في المدينة، إلا أنه وبعد ما يقارب الأربع سنوات على سيطرة “قسد” على الرقة، لايزال هناك الكثير من الركام الذي يغلق الشوارع، والكثير من الجدران والأعمدة الآيلة للسقوط والمطلة على الشوارع التي تهدد حياة المدنيين.

حيث يشتكي أهالي الرقة، وبحسب ما نقلت إذاعة “شو في ما في” المحلية، من الركام العشوائي في المدينة وطالبوا الجهات المعنية (مجلس الرقة المدني، بلدية الشعب في الرقة)، بالعمل الجاد على إزالتها لفتح الطرقات الفرعية أمام المارة، وتخفيف الأزمة المرورية التي تخنق شوارع المدينة.

استجداء الدعم

وبحسب مصدر في فريق الاستجابة الأولية فإنهم بالعام 2019 و2020 عملوا على إزالة الكتل الإسمنتية في أكثر من 500 موقع في المدينة، وكذلك إزالة الكتل الإسمنتية الآيلة للسقوط التي تهدد المارّة والبيوت العربية المجاورة لتلك الأبنية المهدمة.

ولكن وبحسب ما ذكر المصدر فإنه “بسبب توقف الدعم المالي، وقلة الكوادر العاملة والآليات، أوقفوا العمل على إزالة تلك الكتل”، على الرغم من الدعم المادي الكبير الذي تحظى به “الإدارة الذاتية” من التحالف واستحواذها على عائدات النفط.

وفي الوقت عينه يركز “المجلس المدني” عمله في الوقت الحالي على مشاريع لا تلبي حاجة الأهالي، منها تنظيف الحدائق العامة وتشجيرها، بمبالغ هائلة فيما يفتقر آلاف المدنيين لأبسط الخدمات من كهربا وماء”.

وتلاحق تهم الفساد والمحسوبية الكثيرَ من موظفي “الإدارة الذاتية”، رغم محاولات (الإصلاح) التي أعلنت عنها بتشكيل هيئة للرقابة العامة، وظهر الاستياء الشعبي بشكل واضح بين الأهالي الذين طالبوا الإدارة بضرورة حلّ مشاكل الفساد.

اقرأ أيضاً:  انتحاري يفجِّر نفسه في مجلس عزاء تابع للجيش الوطني شرق حلب

رُخص عشوائية

تشهد مدينة الرقة حركة عمرانية بجهود أبنائها، على الرغم من تشكيل لجنة لإعادة الإعمار تتبع لمجلس الرقة المدني، إلا أنها سرعان ما أُغلقت بسبب غياب الدعم الدولي.

وتقوم بلدية الشعب في الرقة بتسهيل منح الرخص لكن دون دراسة للسلامة العامة وسلامة العاملين وإشغال الطرقات، وإلزام متعهدي البناء بذلك.

يقول مصدر في البلدية رفض الإفصاح عن اسمه : “ليس لدينا الكادر الكافي لمتابعة أعمال البناء، وليس لدينا القدرة على ردع المخالفين.”

وكذلك تنتشر حفر الأساسات في الشوارع التي تشهد كثافة مرورية، ويبلغ عمق تلك الحُفر من مترين إلى ثلاثة دون حماية، وأكبرها موجود في شارع (تل أبيض) والحفرة المعروفة بـ (جورة الجميلي)، وكذلك حفرة (نقابة المحاربين القدامى) في منطقة (الفردوس).

ويؤكد المصدر ذاته في بلدية الشعب في الرقة أن “تلك الحفر تسبب الكثير من الحوادث، ونحن البلدية ألزمنا أصحاب تلك المقاسم بوضع أشرطة تحذيرية وحماية لها”.

وقال مصدر بقسم الإسعاف للمستشفى الوطني بالرقة: “هناك أكثر من عشر حالات إصابة تردنا أسبوعيًا للمستشفى نتيجة أعمال الهدم العشوائي والبناء.”

وتنتشر في الرقة ظاهرة استخراج الحديد من الأبنية المدمَّرة، حيث تختص لجنة المالية التابعة لمجلس الرقة المدني في هذه العملية دون رخصة أو العودة للبلدية.

وكان آخرها انهيار مستشفى الأطفال في الرقة على عمال الهدم، حيث أدى لإصابة اثنين منهم، ويلجأ الكثير من الشباب للعمل في هذه المهنة التي أصبحت رائجة في الرقة بأجور بخسة، في ظل انعدام فرص العمل والوضع الاقتصادي الحرج.

حيث تمثل لجنة المالية الواجهة الرسمية لشركة الإنشاء والتعمير التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية، فيما تعود أرباح الحديد المستخرَج من الأبنية المدمَّرة لقيادات في (قسد)، ويبلغ سعر طن الحديد في الرقة ما يقارب 300 دولار أمريكي.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط