عادت إلى مقاعد الجامعة بعد عشرين عامًا من الانقطاع.. هذه قصة فاطمة

أريج حاج يوسف

0 1٬456

 

 

“ما عرفت اليأس، تابعت بإصرار رغم كل الظروف الصعبة حتى عدت إلى مقاعد الدراسة”، هكذا بدأت محدثتنا فاطمة قصتها، التي عادت إلى الجامعة في عمر الـ37 عامًا.

 

فاطمة ابنة مدينة سراقب بريف إدلب تركت تعليمها بعد حصدها الشهادة الثانوية، واتجهت للعمل لأجل الإنفاق على عائلتها التي بقيت بلا معيل بعد أن تركهم والدها عقب زواجه الثاني.

 

تقول محدثتنا فاطمة: “عائلتي كانت متوسطة الحال وتعيش حياة لا بأس بها، إلا أن والدي تزوج بامرأة ثانية، لتكن تلك الواقعة حدث باز في تغيير حياة العائلة التي أصبحت مسؤولة عنها كوني الأكبر بين إخوتي”.

معلمو إدلب يهاجرون نحو المدارس الخاصة

وتابعت: “والدي تغيرت معاملته معنا منذ زواجه الثاني، بالرغم من العلاقة الجيدة التي كانت تربطه بوالدتي، وهو ابن عمها، إلا أننا بدأنا نعيش حياة (الخالة امرة الأب)، حيث قام بطرد والدتي من المنزل إلى أهلها، وبدأ إخوتي يعانون التعذيب من قبل زوجة أبي”.

 

 

بناء حياة جديدة:

وأكملت فاطمة قصتها: “بعد تلك الأحداث انتقلنا للعيش في منزل أنا ووالدتي وإخوتي فقط، وكانت عيشتنا عيشة الفقر والمعاناة، وأنا واصلت تعليمي للثانوية، ثم خرجت من التعليم لأساند والدتي في مصروف المنزل”.

 

وتتابع أن أحد الشبان خطبها وعقد قرانها، وامتد ذلك مايقارب سبع سنوات دون زواج، وكان سبب ذلك منعها من المتابعة في الجامعة، وبعد ذلك انفصلت عنه لمشاكل عائلية دون أن تتكلل بالزواج.

وبحسب فاطمة فإن الآثار النفسية التي تركتها الحادثة عليها كانت كبيرة جدًا، فسبع سنوات من الانتظار، وترك التعليم لأجل ذلك، ثم الانفصال، كانت لها الطامة الثانية بعد ترك والدها لعائلتها دون معيل.

 

من التدريس والعمل لمساعدة العائلة إلى دخول الجامعة بعد عشرين عامًا:

وخلال السنوات السابقة كانت فاطمة تعمل معلمة ابتدائية في مدارس سراقب عن طريق الوكالات، لتُعين والدتها في مصروف المنزل.

وعند تهجيرهم من مدينة سراقب تركت فاطمة التعليم، وتوجهت إلى العمل في الفرق التطوعية، وذلك لمساعدة الناس المهجرين، الذين يعانون من الضائقة المعيشية.

تقول فاطمة: “وجدت أن هذا العمل قريب مني، وأحببته كوني عانيت وعائلتي من القلة والحرمان، فشعرت بأنه هناك مئات العائلات في المناطق المحررة يعانون القلة، وكم أفرح حينما أساعد عائلة محتاجة”.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

تمكنت فاطمة بسعيها المستمر من إعادة تكوين نفسها، وإعالة عائلتها حتى كبر أشقاؤها وبدأوا بمساندتها في مشاق الحياة وتأمين مصروف العائلة التي كونت نفسها بنفسها.

وأعادت محدثتنا ثقتها بنفسها من خلال متابعتها لتعليمها بعد نحو عقدين من الانقطاع منذ لحظة حصولها على الشهادة الثانوية.

وقبل أيام قليلة توجهت فاطمة بخطى ثابتة إلى جامعة إدلب، وسجلت في معهد إدارة الأعمال، لتتابع تعليمها الذي حرمتها منه ظروف الحياة بعد 20 عامًا، لتثبت أنه لا شيء مستحيل مع الإصرار.

وليست قصة فاطمة هي قصة النجاح الوحيدة في مناطقنا المحررة، بل هناك عشرات الحالات، وعشرات النساء اللواتي أثبتنَ وجودهنَّ وفعاليتهنَّ في المجتمع على اختلاف قصصهنَّ ومعاناتهنَّ.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط