الغارات الإسرائيلية.. الخروج أو الاستنزاف

غسان الجمعة

0 204

 

بما يقارب الخمسين غارة استهدفت إسرائيل ميلشيات إيران في خمسة عشر موقعًا عسكريًا في دير الزور يوم الأربعاء الماضي، وقد تجاوز عدد القتلى الخمسين من مرتزقة طهران وميلشيات الأسد في حملة قصف جوي وصفت بالأكبر مقارنة بالعمليات السابقة، فلماذا صعّدت إسرائيل في هذا الوقت؟ وماهي رسالتها من حجم هذه العملية للأطراف الفاعلة بالملف السوري؟

البداية من قرب دخول بايدن البيت الأبيض عقب ترامب، وهو ما كانت تحلم به إيران كونه أهون الشرين، إذ إن ن فريق بايدن أكثر ديناميكية في التعامل مع طهران وهي الآن في مرحلة اغتنام الوقت البارد وعدم استفزاز ترامب لمنحه فرصة جديدة بخطأ هنا أو هناك.

إلا أن هذا الظرف لا يعني الكثير لإسرائيل، بل عملت من خلال هجومها هذا على تنبيه الحرس الثوري لحقيقة عدم إمكانية وجوده في سورية كمطلب إسرائيلي يعلو الحسابات الامريكية في المنطقة، كما أن إدارة بايدن قد تفتح قنوات مع طهران بالعراق وسورية وفي الملف النووي، إلا أنها لن تستطيع إغلاق الأجواء السورية في وجه الغارات المستمرة بشكلها التصاعدي من حيث الحجم والأضرار.

ومن وجه آخر تعمد تل أبيب تذكير موسكو الشريك الأساسي لإيران في سورية بضرورة إبعاد الحرس الثوري من خريطة اللعبة ليس من الجنوب فقط كما تسوق البروغبندا الروسية، إنما أيضًا من مناطق شرق الفرات التي تبني فيها طهران أكبر قواعدها العسكرية في المنطقة (قاعدة الإمام علي).

إن استهداف مراكز خاصة بالنظام السوري وتشرف عليها أذرع إيرانية هي بمثابة تحذير للنظام من مغبة التنسيق مع إيران في أي مكان في سوريا وهو ما يزيد موقف النظام السوري صعوبة بين الولاء لطهران أو لموسكو.

إن الكيان الإسرائيلي هو الطرف الوحيد في الملف السوري الذي ليس له أي نفوذ على الأرض، لكن له ما يقول في الميزان العسكري والسياسي؛ لذلك يحاول أن يضع حساباته على طاولة الأطراف قبل الخوض في جلسات التفاوض أو تنفيذ ما يصبو إليه النظام السوري من انتخابات توطد سلطته على الركام السوري.

إسرائيل ستبقى ماضية في برنامج استهدافها وعلى (عينك يا تاجر) كما يُقال دون اعتراض من أحد باستثناء اعتراض النظام السوري الذي ألِفته إسرائيل، وهو ما يعني إدخال إيران في حالة استنزاف مادي وبشري مستمر ستضعها أمام خيارين أحلاهما مرّ، وهو إما أن تنسحب مع تكثيف الضربات ممَّا يعني فقدانها لمكتسباتها في الملف السوري، أو البقاء والاستعداد للمواجهة مع إسرائيل وهو مالا يحبذه الأسد وترفضه موسكو، ومع ذلك فهم يحتاجون حشر حليفهما الممانع يومًا في زاوية المخاوف الإسرائيلية لتكوّن مبرر مساومة حقيقية لإخراجه من الساحة السورية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط