(سجن الصناعة) شماعة التغيير الديموغرافي في الحسكة

د. نذير الحكيم

0 1٬148

د. نذير الحكيم

عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة

 

ما إن استيقظ السوريون من جريمة التهجير والتغيير الديموغرافي في حارة طي بمدينة القامشلي.  حتى جاءت قسد بشماعة لتغيير جذري جديد في المنطقة وهي “عملية سجن الصناعة” أو كما يطلق عليها تنظيم داعش (عملية هدم الأسوار).

السجن الذي يقع في حي غويران ذو المكون العربي والذي كان عصياً على نظام الأسد ومليشيا قسد. كان لمهندس صناعة قسد في المنطقة رأي أخر يتمحور حول أن سجن الصناعة هو محور تغيير ديموغرافي في المنطقة وسيأتي دوره في الوقت المحدد.

سجن الصناعة الذي ضم أكثر من ٥٠٠٠ عنصر إرهابي في وسط بيئة عربية سنية، كان الهدف منه هو وضع المكون العربي بين المطرقة والسندان، فإما أن يكون العرب تابعين خانعين لشخصيات مجهولة النسب جاءت من جبال قنديل، أو أن ينضموا لحركات أيدلوجية تكفيرية لم تمثل يوماً ثورة الشعب السوري لنيل الحرية والكرامة. وطالما اشتكى أهالي حي غويران من تجاوزات قسد في المنطقة ولكن “لمن تشتك حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة”.

ولعدم رضى صانع مليشيا قسد من كثرة تذمر العرب حول ما يحصل في الحي. كان ولابد من تمثيلية هوليودية في المنطقة، ليس لضرب عصفورين بحجر واحد على شجرة، إنما على اقتلاع الشجرة من جذورها وهنا كانت خطة “سجن الصناعة” الشماعة التي ستسمح باقتلاع تلك الشجرة ومن عليها.

التحالف الذي وصف “قسد” في أكثر من مناسبة بإنها حليف استراتيجي، وأنه اتخذ (القنديلي) شريكاً على الأرض، لم يهتم لما تفعله قسد من تهجير عنصري بحق العرب يوماً. فالخطة الأساسية من البداية كانت تركز على التغيير الديموغرافي.

أرسل داعش أبو الوليد القحطاني إلى حي غويران (ولا تستغرب عزيزي القارئ) كيف وصل شخص بهذه المكانة الرفيعة لدى التنظيم عابراً الحواجز والكاميرات وحتى الأقمار الصناعية التي تستطيع تصوير ثقب في أنبوب نفط من مسافة كبيرة جداً واستطاع الجلوس مع أهالي الحي من شيوخ ووجهاء عشائر لمدة ساعتينفي محاولة لاستمالتهم، ولكن رفض أهالي حي غويران الخضوع له والقبول بتهديداته. وكان جوابهم أننا سنحمي الحي من تنظيمكم الإرهابي، ومن مليشيا قسد التي لا تقل عنكم إرهاباً، وعندما اشتم نظام أسد الخبر عرض على أهالي حي غويران الدخول ورفع العلم الروسي وعلمه وبدورهم سيقومون بحماية الحي. ولكن اهالي الحي قاموا بطردهم أيضاً.

ونتيجة موقفهم المشرف وقع أهالي الحي في مثلث الشر (داعش ـ قسد ـ الأسد) التي انتصرت فيها قسد، وبدأت المليشيا بتنفيذ خطة التهجير للتخلص منهم والعمل على التغيير الديموغرافي.

ومن أجل ذلك تمت عمليتي نقل، الأولى بتاريخ ١٢ كانون الثاني ٢٠٢٢ حيث نقل التحالف مهاجرين إرهابين من سجن الصناعة إلى سجن الشدادي بواسطة الطيران. وعملية النقل الثانية والتي كانت الأهم جرت بتاريخ ١٩ كانون الثاني ٢٠٢٢ حيث تم نقل ٥٠ سجين عراقي من سجن الصناعة إلى سجن الشدادي قبل يوم واحد من الهجوم على السجن. وفعلياً هم من قاموا بالهجوم على السجن لأن أهالي غويران قد أكدوا أن لهجة المهاجمين كانت “عراقية” ومن المعروف أن أهالي الجزيرة والفرات قادرين على تمييز اللهجة العراقية.

سجن الصناعة في الحسكة

وفي عمليات كر وفر وصولات وجولات وفاصل ونواصل وهدنات استمرت لمدة أسبوع تحقق الهدف المرجو من العملية والمتمثل بـ (تصفية دواعش في السجن، وتهجير أهالي حي غويران والبالغ عددهم أكثر من ١٠٠ ألف بحجة القتال، وتجريف وهدم منازل المدنيين من أهالي حي غويران).

قسد رديفة الأسد اتخذت نفس الأسلوب و من عادة الطغاة والمرتزقة التشابه بالأفعال، لأن أهالي غويران رفضوا المصالحة الروسية كان لابد من تهديد كل المناطق التي ترفض التسويات والمصالحات التي  تتم بين قسد والنظام برعاية روسيا على غرار تسويات درعا، والتي خرج أهل الرقة والطبقة بمظاهرات ضد التطبيع مع الأسد قبل يومين من حادثة سجن الصناعة بعودة البعبع (داعش) للمنطقة، ووضع الأهالي بين خيارين عودة داعش أو المصالحة مع النظام، وهذا أسلوب النظام الذي استخدمه سابقاً مع أهالي السويداء بعد كل مظاهره تظهر داعش وتقوم بعمليات إجرامية بحقهم حتى يتم القضاء على التظاهر ضد النظام وداعميه.

ولكن الغراب إذا قاد يوماً قطيع ما فأن طريقهم سيكون الخراب. وهذا ما يؤكده التاريخ وتجاربه وتلك الأراضي ستبقى لأهلها، وسيعود الحق لأصحابه، والراعي الذي يحمي الكلب سيتركه يوماً ما. فسياسة الدول تبنى على التعاون فيما بينها ولا تبنى على تبني مليشيات، فالأمريكان ما أن ينتهوا من سحب مادة الليثيوم من منطقة رميلان وكذلك العثور على دفائن تنظيم الدولة (داعش) سيرحلون. والمنظمات التي كانت تعمل في أراضي قسد كانت مهمتها محو أثر راعي البقر وهمجيته.

أما مليشيا قسد وبعد أن أفرغت القامشلي وبدأت بالحسكة لتحويل العرب إلى أقلية لا تكاد تذكر. لم يتبق لها سوى دير الزور إلا أن وقع دير الزور سيكون صعباً عليها قليلاً، ولكن مشروع التغيير الديموغرافي يسير كما هو مخطط له في المنطقة، ويبقى الهدف الأول لمشروع مليشيا قسد هو الضغط على تركيا بكل ما أوتيت من قوة. ولنرى ما هي الشماعة الجديدة التي ستستخدمها مليشيا قسد في منطقة دير الزور؟

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط