وضع وصاية الدولة على الأطفال يؤرق اللاجئين في أوربا

براء الرزوق – ألمانيا

0 3٬387

 

 

لم تكن تعلم رقية (اسم مستعار) 28عامًا أن حدوث خلاف بينها وبين زوجها سيتسبب بفقدانها لطفلها الوحيد بعد استدعاء الجيران للشرطة على خلفية ارتفاع صوتيهما في المنزل.

 

تتحدث رقية التي لجأت إلى ألمانيا برفقة زوجها وطفلها عام 2015 إلى صحيفة حبر وتشكو ألم شوقها لطفلها الوحيد ذي التسع سنوات بعد سحبه من قبل الـ (يوغند أمت) وهو مكتب الطفولة والشباب قبل عام، تقول رقية: “فور وصول عناصر الشرطة ورؤيتهم لوجود طفل في المنزل قاموا باستدعاء مكتب الطفولة والشباب الذي قام بدوره بوضع يده على الطفل مباشرة بسبب وجود أذى نفسي مباشر على الطفل.” على حد وصف المكتب.

وراجعت رقية (الـيوغند أمت)، إلا أنها صُدمت بقرارهم وضع وصايتهم على الطفل بشكل نهائي، بعد أن أخبرهم الطفل أن والده قام بضربه عدة مرّات.

ومن المعروف أن الضرب غير المؤذي جسديًا يستعمل كوسيلة للتربية في غالبية المجتمعات في الشرق الأوسط، لكن ذلك يتنافى مع العادات والقوانين المعمول بها في دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما تؤكده الإحصائيات الصادرة عن دائرة الإحصاء الفيدرالية الألمانية ما بين عامي 2004 و2017، التي تظهر ازديادًا ملحوظًا في عدد الأطفال الذين تدخل مكتب الطفولة والشباب لوضعهم تحت رعايته خلال الفترة ما بين 2015-2017، وهي الفترة التي شهدت ازديادًا ملحوظًا في أعداد اللاجئين القادمين من بلدان الشرق الأوسط وتحديدًا من سورية.

وأوضحت الإحصائيات أن عدد الحالات ما بين الأعوام 2004 و2006 بلغ ما يقارب 25 ألف حالة سنويًا ليصل عدد هذه الحالات إلى ما يقارب 77 ألف حالة عام 2015 , ومن ثم لتصل إلى ما يزيد عن 84 ألف حالة عام 2017 من بينهم ما يقارب 72% من جنسيات غير ألمانية.

 

بات يشكل سماع كلمة ( jugendamt – يوغند أمت ) هاجسًا حقيقيًا لدى الكثير من الآباء والأمهات اللاجئين في ألمانيا؛ وتشير هذه الكلمة إلى مكتب الطفولة والشباب، وهو المسؤول عن حماية الأطفال من أي خطر نفسي أو جسدي، ويكمن هذا التخوف بسبب وضع هذا المكتب وصايته على العديد من الأطفال من والديهم لأسباب متنوعة، فما هي الأسباب التي تخول مكتب الطفولة والشباب لاتخاذ هكذا قرار؟ وهل من حلول لاستعادة الأطفال؟

 

إجراءات السحب ودور القضاء الألماني:

من جانبه أكد مدير المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان (محمد كاظم هنداوي) في تصريح لصحيفة حبر، أن أغلب حالات سحب الحضانة التي طلبت مشورة المنظمة كان السبب الرئيس لحدوثها نشوب خلاف بين الأبوين، أو تعنيف أحدهما للطفل جسديًا ما يستدعي السلطات الألمانية لاعتبار الأبوين غير مؤهلين للتربية، مما يؤدي لسحب الحضانة منهما.”

 

وأضاف (هنداوي) أن غالب الحالات تبدأ بالإنذار للأهل، ومن ثم مراقبة سلوكهم تجاه الأطفال، وفي حال لم يكن هناك تجاوب من الأهل يتم سحب الأطفال،  أما في حال كانت الحالة طارئة فيتم سحب الأطفال مباشرة بدون سابق إنذار.

وعند سؤالنا حول دور القضاء والمحاكم في مثل هذه الحالات أوضح (هنداوي) أنه في الحالات غير الطارئة يقوم مكتب الطفولة والشباب برفع دعوى على الوالدين من أجل سحب الأطفال، والأهل بدورهم يمكنهم رفع دعوى على المكتب لدى المحكمة للاعتراض على القرار، ويعود القرار في الحالتين للقاضي بعد عرض الأطفال على أطباء نفسيين لتقييم حالتهم.

 

ويتم أخذ الأطفال إلى تجمعات سكنية خاصة بتربية الأطفال يتم فيها رعايتهم وتعليمهم، وفي بعض الحالات ينقل الأطفال إلى عوائل تهتم بتربيتهم بعد أن تخضع هذه العوائل المضيفة إلى تدريب خاص بتربية الأطفال، ويمكن لأهاليهم رؤيتهم من فترة لأخرى إلا إذا رأى (الـيوغند أمت) أن زيارتهم قد تؤدي إلى خطر نفسي على الطفل، وذلك بحسب محمد كاظم هنداوي.

 

 

مبادرات حقوقية لإعادة الأطفال إلى والديهم:

واستطاعت (المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان) بالتعاون مع مكاتب المحاماة المختصة بعد إجراءات استمرت لوقت طويل إعادة 12 طفلًا إلى أهاليهم بشكل قانوني بعد تعهد الأهالي بتغيير سلوكهم تجاه الأطفال، وكانت بعض هذه الحالات قد تم إعادتهم بشكل نهائي، والبعض الآخر بشكل تدريجي يبدأ بإعادتهم إلى والديهم في أيام العطلة فقط، ومن ثم يتم إعادتهم بشكل نهائي بعد تأكد السلطات من زوال الخطر على هؤلاء الأطفال.

 

نصائح وتوجيهات:

وختم (هنداوي) حديثه لصحيفة حبر بنصائح للأهالي في حال تعرضوا لمثل هذه الحوادث، مشددًا على أهمية ألا يتصرف الشخص من تلقاء نفسه في هذه القضية، وأن يلجأ للمنظمات المختصة بمساعدة اللاجئين والمرخصة في ألمانيا، أو بالرجوع إلى المحامين المختصين بقانون الأسرة، وعلى أهمية ضبط النفس أمام مكاتب الطفولة والشباب لا سيما أنهم يأخذون الانطباع الأول عن الشخص كأمر بالغ في الأهمية.

 

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط