بين الخوف والأمل.. مزارعو الكرز في إدلب يبدؤون موسمهم بأسعار زهيدة

سوسن الحسين

0 828
متداولة

 

مع بدء موسم قطافه يترقب الحاج (أحمد) من بلدة (كنصفرة) بجبل الزاوية موسمه هذا العام بفارغ الصبر ليستطيع تسديد ما ترتب عليه من ديون خلال الشهور السابقة، يقول: إنه اهتم بحقل الكرز هذا العام رغم القصف المتقطع الذي طال البلدة، فهو يأمل بموسم وفير هذا العام، خاصة أنه لم يبخل على أرضه بالاهتمام والسقاية، مكررًا عبارة: “الأرض متل ما بتعطيها بتعطيك”.

 

ليس حاله كحال الكثيرين ممَّن يعرفهم، فثمة من عجزوا عن الاهتمام بحقولهم نتيجة سوء الأحوال المادية وارتفاع أسعار المواصلات الخاصة، فاضطروا لإهمال أراضيهم وانعكس ذلك سلبًا على محصولهم، وفق ما لاحظه الحاج (أحمد) خلال جولته في الحقول أيضًا، وعدَّ أن توقف قوات النظام عن التقدم لم يمنع مخاوف المزارعين من تكرار حملته كما العام الماضي، وهذا ما حال دون قدرتهم على العناية بأشجارهم، حسب ما سمعه من بعض جيرانه في مخيم البلدة الكائن في جبال سرمدا.

اقرأ أيضاً: مشكلة انعدام مياه الشرب تهدد مخيمات الشمال السوري

ورشات القطاف فرصة موسمية لكسب الرزق:

تضطر (حلا) مُهجَّرة من جبل (شحشبو) لترك أطفالها مع جدتهم خلال عملها في ورشة لقطاف الكرز، وتجد في هذا الموسم فرصة لتكسب مالًا يعيلها وأطفالها ويلبي احتياجاتهم، وكذلك لادخار مبلغ تستفيد منه لوضع مؤونة الشتاء.

وتتقاضى هذا العام لقاء الساعة الواحدة خمس ليرات تركية، تقول: إنها قد تكسب من 40 إلى 50 ليرة تركية لقاء ساعات عمل في الورديتين الصباحية والمسائية، مثلها مثل كثير من العمال الذين تختلف ظروفهم ويعتمدون على موسم الكرز للحصول على فرصة عمل.

 

مراحل وظروف زراعة شجرة الكرز:

يزرع المزارعون شجرة المحلب، وبعد مرور عامين أو ثلاثة أعوام تكون قابلة للتطعيم بطعوم شجرة الكرز، وبعد ثلاث سنوات أخرى يبدأ الإنتاج وجني المحصول.

والكرز شجرة تتحمل البرودة بدرجة حرارة من 10- 20تحت الصفر، ويحتاج عناية كبيرة حتى يزداد الإنتاج.

يشرح (أبو حاتم) مزارع من بلدة (كنصفرة) لحبر حال شجرة الكرز قائلًا: “هي شجرة حساسة، ومن الضروري أن تنال حظها من العناية، كتنظيف الحقل من الأعشاب الضارة، ورش الشجرة بالمبيدات الحشرية لمنع إصابة الأوراق بالآفات كآفة الزيات، وكذلك يحتاج الشجر لأدوية لتثبيت الزهر في موسمه، ويترتب على هذا كله تكاليف مضاعفة تزيد من أعباء معظم المزارعين الذين يعتمدون على الكرز كمصدر دخل وحيد.”

يبيع (أبو حاتم) ما يجنيه من ثمار الكرز لمراكز يديرها تجار في كل منطقة، ويتوجه التجار بالمحصول إلى سوق التصريف في أريحا، ومن ثم يباع في الأسواق المحلية أو إلى تركيا عبر معابر ريف حلب، حسب قوله.

ويرى (أبو حاتم) أنه من المبكر الحكم على سوق التصريف بالعجز؛ لأن الموسم في بدايته، وما نضج من المحصول يسمى (الربعي، أو الفرعوني)، وهو قليل من حيث الإنتاج، وهو بداية للتسويق المحلي.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

وقد استغل جاره التاجر (أبو منير) بداية الموسم، فباع الكيلو غرام الواحد من الكرز الربعي أو الفرعوني بسعر 12 ليرة تركية بالجملة، بينما تراجع سعره اليوم إلى 4 ليرات تركية، أما صنف (أبو نقطة) فسعره اليوم 2.5 ل. ت، و(أبو شوكة أو الطلياني)، وكذلك (أبو حز) بسعر 3 ل.ت، أما (الصيفي الناعم) فسعره 1.5 ل.ت.

ويُقطف الكرز في ساعات الصباح الباكر أو في ساعات المساء، فهو يحتاج جوًا باردًا حتى لا يتعرض للتلف، وهذا ما يواجهه التجار من صعوبات في ظل انقطاع الكهرباء وتحكم المعابر بحركة المرور وفقًا للظروف المختلفة، بحسب من التقيناهم في بعض المراكز المحلية.

 

الوشنة ألذ الأصناف وأكثرها طلبًا من قبل ربات المنازل:

يتفوق سعر ثمرة الوشنة بضعف ونصف للكيلو غرام الواحد عن ثمرة الكرز الأخرى، وتتميز عن الكرز بصغر حجمها وطعمها الأقرب إلى الحموضة، كما تمتاز بأنها تترك صبغة عند عصرها.

(شراب الوشنة الصيفي، اللحمة بالكرز في موسم الكرز، أصابع القلعة في الشتاء، مربى الوشنة) كلها أصناف تتفنن المرأة الإدلبية بتحضيرها.

وتجيد (خلود) من مدينة أريحا صناعتها وتحرص على توفرها في مطبخها بكثرة وخاصة عصير الوشنة الذي تقدمه باردًا للضيوف في فصل الصيف.

تقول(منار) مهجَّرة من دمشق: إنها أعجبت بمذاق بعض هذه الأصناف التي رأتها غريبة عن بيئتها الشامية، وتنتظر موسم هذا العام لتضع مؤونة من الوشنة لتحضيرها أيضًا.

وتحتل إدلب المرتبة الأولى عربيًا بزراعة الكرز، والثامنة عالميًا بحسب منظمة الأغذية والتنمية الزراعية (الفاو –FAO)، وبحسب إحصائيات مديرية الزراعة في إدلب، فإن عدد أشجار الكرز تتجاوز سبعمائة ألف شجرة.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط