خيارات قسد مع فوضى السياسة الأمريكية

علاء العلي

0 939

 

 

أثارت السياسة الأمريكية المتغيرة مع وصول الديمقراطيين من جديد مخاوف حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، فهي سياسة يعلو فيها صوت الدبلوماسية أكثر من صوت المعارك العسكرية، مع التلويح باللجوء للخيارات العسكرية عند الاستعصاء الدبلوماسي، كما صرح جو بايدن.

 

هذا التخبط الأمريكي الذي بدأ من الانسحاب الشامل من أفغانستان وما أحدثه من صدى وجدل واسع داخل الشارع الغربي والأمريكي، يبدو أنه لن يقف عند حدود أفغانستان، بل كما يبدو سياسة ستُترجم على كثير من تموضعات الوحدات والقطع الأمريكية المنخرطة في مناطق ملتهبة.

تركيا توقف استقبال المرضى من إدلب عبر باب الهوى

لا تخفى المخاطر المحدقة بحلفاء قوات التحالف الدولي في سورية وتشكيلاتهم المنضوية ضمن ميلشيا (قسد)، التي أبدت خشيتها من استنساخ التجربة الأفغانية وترك هذه التشكيلات طرائد سهلة لتنظيم (داعش) وروسيا وتركيا ونظام دمشق بطبيعة الحال.

 

الارتباط العضوي والمصيري لهذه التشكيلات بوجود القوات الأمريكية جعلها تفكر في تحالفات جديدة، وطرح أفكار محرمة سابقًا تتلاءم مع الواقع الجديد، فدعوة قسد من خلال رئيس مجلسها السياسي (رياض درار) لتركيا من أجل رعاية وحدة شاملة تجمع شتات الشمال الغربي مع الشرق السوري خطوة فيها استدامة لوجود هذه القوات قد تحميها من هجمات قادمة لا محالة، مثل الانخراط الحقيقي بمشروع معارض على المستوى السياسي كمجلس وطني كردي، وائتلاف سوري، وكمشروع عسكري، تجتمع هذه المناطق فيه على هدف مقارعة ظلم النظام السوري والحفاظ على المكتسبات، مقابل تعهدات تقدمها قسد بتنحية قوات حزب العمال عن وحداتها، والتخلي عن فكرة الانفصال وبناء علاقات قوية يتم فيها احترام باقي المكونات من العشائر العربية وتحقيق تمثيل حقيقي لها في إداراتها.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

الخيارات التي عرضها (رياض درار) تأتي في سياق مواجهة التهديد الوجودي في حال أقدم الكونجرس الأمريكي على التصويت لمصلحة سحب القوات، وهذا ما يتم نفيه حتى اللحظة، فقسد التي صبغت مناطقها بالمشروع الكردي تدرك أنها ليست على أرض ثابتة، فالإقصاء العنيف الذي مارسته ضد باقي المكونات العشائرية يحتاج الرجوع عدة خطوات لتأمين بقائها حين غياب الإسناد الدولي عنها.

 

خيارات أخرى أكثر خطورة تلجأ لها قسد، كالحوار مع النظام السوري بوسيط روسي تأمل منه أن يرخي من تعنت النظام، وثنيه عن اللجوء للحرب لبسط نفوذه على شرق الفرات وشماله، وعلى طريقة (أحمد العودة) في حوران تسعى روسيا لدمج هذه القوات كوحدات تتبع نظام دمشق بهامش إدارة ذاتية مؤقتة لا تخفي قسد خشيتها منها والانقلاب على هذه الحالة المرحلية.

 

تنظر تركيا بريبة شديدة لعرض مجلس (مسد) السياسي، فالتحصينات المستمرة والتجهيزات الميدانية بالقرب من حدودها تتضارب من مدى مصداقية العرض، والتذخير الأميركي المتواصل، الذي تشاهده عدسة المراقب التركي تنسف أي مصداقية، وهذا يعود لتخبط أمريكي واضح يرى في قسد خليفًا تارة ويغرقه أكثر في رمال الشرق السوري أكثر بإظهاره لحالة العداء الذي يفرزه الميدان.

 

أكثر ما يربك روسيا هذه الفترات هو التخوف من انسحاب أمريكي من شرق الفرات يعود لمصلحة انتشار الميلشيات الإيرانية المتأهبة، مما سيخلق حالة صدام مباشر معها، فطبيعة المنطقة الدسمة تختلف عن غيرها، و الحفاظ على ميلشيا قسد كتشكيلات غير انفصالية تحقق تهديدًا أقل خطورة على تركيا بعد إقصاء قيادات حزب العمال، خيار ترى فيه موسكو الأقرب للواقعية، وتطمح من خلاله أن تتصدى هذه القوات لأي هجمات إيرانية منظمة، في حين تتعهد لها أمام تركيا بالحفاظ على وجودها على المستوى الداخلي السوري وعلى مستوى الجوار وخصوصًا التركي بعد عدة تفاهمات على غرار أربيل العراق وقوات البيشمركة.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط